وهرب وكمن، فإذا نبت قرنه عرّضه للرّيح والشّمس في الموضع الممتنع، ولا يظهر حتى يصلب قرنه ويصير سلاحا يمتنع به. وقرنه مصمت، وليس في جوفه تجويف، ولا هو مصمت الأعلى أجوف الأسفل.
٢٠٣٥-[معرفة الإبل بما يضرها وما ينفعها]
والبعير يدخل الرّوضة والغيضة، وفي النبات ما هو غذاء، ومنه ما هو سمّ عليه خاصة، ومنه ما يخرج من الحالين جميعا، ومن الغذاء ما يريده في حال ولا يريده في حال أخرى، كالحمض والخلّة، ومنه ما يغتذيه غير جنسه فهو لا يقربه وإن كان ليس بقاتل ولا معطب. فمن تلك الأجناس ما يعرفه برؤية العين دون الشمّ، ومنها ما لا يعرفه حتّى يشمّه، وقد تغلط في البيش فتأكله، كصنع الحافر في الدّفلى «١» .
٢٠٣٦-[معرفة الإبل بالزجر]
والناقة تعرف قولهم: حل، والجمل يعرف قولهم: جاه. قال الراجز وهو يحمّق رجلا هجاه «٢» : [من الرجز]
يقول للناقة قولا للجمل ... يقول جاه يثنيه بحل
٢٠٣٧-[قدرة الحيوان على رفع اللبن وإرساله]
وممّا فضلت به السّباع على بني آدم أنّ الله جعل في طباع إناث السباع والبهائم، من الوحشيّة والأهلية، رفع اللّبن وإرساله عند حضور الولد، والمرأة لا تقدر أن تدرّ على ولدها وترفع لبنها في صدرها إذا كان ذلك المقرّب منها غير ولدها.
والذي أعطى الله البهائم من ذلك مثل ما تعرف به المعنى وتتوهّمه.
اعلم أنّ الله تعالى قد أقدر الإنسان على أن يحبس بوله وغائطه إلى مقدار، وأن يخرجهما، ما لم تكن هناك علّة من حصر وأسر، وإنما يخرج منه بوله ورجيعه بالإرادة والتوجيه والتهيؤ لذلك. وقد جعل الله حبسه وإخراجه وتأخيره وتقديمه على ما فسّرنا. فعلى هذا الطريق طوق «٣» إناث السّباع والبهائم، في رفع اللّبن.
٢٠٣٨-[حشر الحيوان في اليوم الآخر]
وقد قال الله جل ثناؤه: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ