للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ذلك، وتمنعه بكلّ حيلة، لأنّها تعلم وتحسّ بضعف ذلك الموضع منها، وهو مقتل. وما أكثر ما يكون في أعناقها تخصير [١] ، ولتندورها أغباب [٢] ، وذلك في الأفاعي أعمّ. وذلك الموضع المستدقّ [١] إنّما هو شيء كهيئة الخريطة، وكهيئة فم الجراب، منضمّ الأثناء، مثنّى الغضون. فإذا شئت أن تفتح انفتح لك فم واسع.

ولذلك قال إبراهيم بن هانئ: كان فتح فم الجراب يحتاج إلى ثلاثة أيد، ولولا أنّ الحمالين قد جعلوا أفواههم بدل اليد الثّالثة لقد كان ذلك ممتنعا حتّى يستعينوا بيد إنسان.

وهذا ممّا يعدّ في مجون ابن هانئ.

وكذلك حلوق الحيّات وأعناقها وصدورها، قد تراها فتراها في العين دقيقة، ولا سيّما إذا أفرطت في الطّول.

١٠٦٢-[شراهة الحية والأسد]

وهي تبتلع فراخ الحمام. والحية أنهم وأشره من الأسد. والأسد يبلع البضعة العظيمة من غير مضع، وذلك لما فيه من فضل الشره. وكذلك الحيّة. وهما واثقان بسهولة وسعة المخرج.

١٠٦٣-[تنّين أنطاكية]

وممّا عظّمها وزاد في فزع النّاس منها، الذي يرويه أهل الشام، وأهل البحرين، وأهل أنطاكية، وذلك أنّي رأيت الثلث الأعلى من منارة مسجد أنطاكية أظهر جدّة من الثلثين الأسفلين، فقلت لهم: ما بال هذا الثلث الأعلى أجدّ وأطرى؟ قالوا: لأنّ تنّينا [٣] ترفّع من بحرنا هذا، فكان لا يمرّ بشيء إلّا أهلكه، فمرّ على المدينة في الهواء، محاذيا لرأس هذه المنارة، وكان أعلى ممّا هي عليه، فضربه بذنبه ضربة، حذفت من الجميع أكثر من هذا المقدار، فأعادوه بعد ذلك، ولذلك اختلف في المنظر.

ولم يزل أهل البقاع يتدافعون أمر التّنّين. ومن العجب أنّك تكون في مجلس


[١] تخصير: دقّة.
[٢] أغباب: جمع غبب، وهو اللحم المتدلي تحت الحنك. (القاموس: غبب) .
[٣] التنين: ضرب من الحيات كأكبر ما يكون منها، وطوله نحو فرسخين. حياة الحيوان ١/٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>