ورأينا الخلاسيّ من الناس، وهو الذي يتخلّق بين الحبشيّ والبيضاء، والعادة من هذا التركيب أنه يخرج أعظم من أبويه وأقوى من أصليه ومثمريه. ورأينا البيسريّ «٢» من الناس، وهو الذي يخلق من بين البيض والهند، لا يخرج ذلك النّتاج على مقدار ضخم الأبوين وقوّتهما، ولكنه يجيء أحسن وأملح. وهم يسمّون الماء إذا خالطته الملوحة بيسرا قياسا على هذا التركيب الذي حكينا عن البيض والهنديات، ورأينا الخلاسيّ من الكلاب، وهو الذي يخلق بين السّلوقيّ وكلب الراعي، ولا يكون ذلك من الزّئني والقلطي «٣» ، ومن كلاب الدّور والحرّاس. وسنقول في السّمع والعسبار، وفي غيرهما من الخلق المركّب إن شاء الله تعالى.
١٢٦-[أطول الناس أعمارا]
وذكروا أنّهم وجدوا أطول أعمار الناس في ثلاثة مواضع: أوّلها سروحمير، ثم فرغانة، ثم اليمامة، وإنّ في الأعراب لأعمارا أطول، على أنّ لهم في ذلك كذبا كثيرا، والهند تربي عليهم في هذا المعنى. هكذا يقول علماء العرب.
١٢٧-[أثر النبيذ في عمر الإنسان]
وكان عثمان ماش ويزال وجذعان، يذكرون أنّهم عدّوا أربعين فتى من فتيان قريش وثقيف أعذار عام واحد فأحصوا عشرين من قريش، وعشرين من ثقيف، وتوخّوا المتجاورين في المحلّة والمتقاربين في الدّور من الموفّرين على النبيذ، والمقصورين على التنادم، وأنّهم أحصوا مثل ذلك العدد وأشباه أولئك في السّن ممّن لا يذوق النبيذ ولا يعرف شرابا إلا الماء، فذكروا أنّهم وجدوا بعد مرور دهر عامّة من كاب يشرب النبيذ حيّا، ومن لا يشربه قد مات عامّتهم، وكانوا قد بلغوا في السنّ.
أما عثمان ويزال فكانا من المعمّرين، وقد رأيتهما جميعا ولم أسمع هذا منهما، وسنأتي على هذا الباب في موضعه من ذكر المعمّرين، ونميّز الصدق فيه من الكذب، وما يجوز وما لا يجوز إن شاء الله تعالى.