فسمعني غانم العبد يوما وأنا أحكي هذا الكلام، وكان من أموق «١» الناس وأرقعهم رقاعة، مع تيه شديد وعجب ورضا عن نفسه، وسخط على النّاس. فمن حمقه أنه هنديّ وهو يتعصّب على الفيل، فقال لي: ما تقول الهند في الحوت الذي يحمل الأرض، أليس أعمّ نفعا وأعلى أمرا؟ قلت له: يا هالك، إنّ مدار هذا الكلام إنما يقع على الأقسام الأربعة من بين جميع الحيوان المذكورة في الماء وفي الأرض وفي الهواء، كالذي ينساح من أجناس الحيّات والدّيدان، وكالذي يمشي من الدوابّ والنّاس، وكالذي يطير من أحرار الطير وبغاثها وخشاشها وهمجها، وكالذي يعوم كالسّمك وكلّ ما يعايش السمك.
فأمّا الحوت الذي تكون الأرض على ظهره فقد علمنا أنّ في الملائكة من هو أعظم من هذا الحوت مرارا. ولولا مكان من قد حضرنا لكان ممن لا يستأهل الجواب، وهذا مقدار معرفته.
٢٠٨٨-[قوة الفيل]
قالوا «٢» : والفيل أقوى من جميع الحيوان إن حمّل الأثقال. ومن قوة عظمه وعصبه أنّه يمرّ خلف القاعد مع عظم بدنه، فلا يشعر بوطئه، ولا يحسّ بممرّه لاحتمال بعض بدنه لبعض. وهذه أعجوبة أخرى.
٢٠٨٩-[طول مدة حمل الفيلة]
وليس في حوامل إناث الحيوان أطول مدّة حبل من الفيل. والكر كدّن، فإنه مذكور في هذا الباب، والفيل يزيد عليه في قول بعضهم «٣» .
فأمّا الهند ففتنتهم بالكر كدّن أشدّ من فتنتهم بالفيل.
فأما ما كان دون ذلك من أجناس الحيوان فأطولها حملا الحافر والخفّ، ولا يزيدان على السّنة إلا أن تسحب الأنثى وتجرّ أيّاما. فأمّا الظّلف فعلى ضربين، فما كان منها من البقر فإنّ مدّة حملها وحمل النساء تسعة أشهر، وما كان من الغنم فإنّ حملها خمسة أشهر.
وقد ذكرنا حال أجناس الحيوان في ذلك فيما سلف من كتابنا هذا.