وقد ذكر ذلك أبو قيس بن الأسلت في الجاهليّة. وهذا الشّعر حجّة في صرف الله الفيل والطّير الأبابيل، وصدّ أبي يكسوم عن البيت. وسنذكر من ذلك طرفا إن شاء الله تعالى. قال أبو قيس «١» : [من المتقارب]
ومن صنعه يوم فيل الحبو ... ش إذ كلّما بعثوه رزم «٢»
محاجنهم تحت أقرابه ... وقد كلموا أنفه فانخرم
وقد جعلوا سوطه معولا ... إذا يمّموه قفاه كلم
فأرسل من فوقهم حاصبا ... يلفّهم مثل لفّ القزم
وقال أيضا صيفيّ بن عامر، وهو أبو قيس بن الأسلت «٣» ، وهو رجل يمان من أهل يثرب، وليس بمكيّ ولا تهام «٤» ولا قرشيّ ولا حليف قرشيّ، وهو جاهليّ:[من الكامل]
قوموا فصلّوا ربّكم وتعوّذوا ... بأركان هذا البيت بين الأخاشب «٥»
فعندكم منه بلاء مصدّق ... غداة أبي يكسوم هادي الكتائب
فولّوا سراعا نادمين ولم يؤب ... إلى أهله ملحبش غير عصائب
ويدلّ على صحّة هذا الخبر قول طفيل الغنويّ، وهو جاهليّ، وهذه الأشعار صحيحة معروفة لا يرتاب بها أحد من الرّواة، وإنما قال ذلك طفيل لأنّ غنيّا كانت تنزل تهامة، فأخرجتها كنانة فيمن أخرجت، فهو قوله «٦» : [من البسيط]
ترعى مذانب وسميّ أطاع له ... بالجزع حيث عصى أصحابه الفيل «٧»