للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن شئت فأقم بمكانك شهرا أو شهرين، فعسى أن نبعث إليك ببعض ما يكفيك زمنا من دهرك. وإن اشتهيت الرّجوع فهذه ثلاثون مثقالا، فخذها وانصرف، وأنت أحقّ من عذر.

قال: فهجم والله عليّ أمر كاد ينقضني. أما واحدة: فأنّي لم أكن ملكت قبل ذلك ثلاثين دينارا في جميع دهري. والثّانية: أنّه لم يطلع مقامي وغيبتي عن وطني، وعن أصحابي الذين هم على حال أشكل بي وأفهم عنّي. والثّالثة: ما بيّن لي من أنّ الطيرة باطل؛ وذلك أنّه قد تتابع عليّ منها ضروب، والواحدة منها كانت عندهم معطبة.

قال: وعلى مثل ذلك الاشتقاق يعمل الذين يعبّرون الرّؤيا.

٨٦٨-[ضروب من العجب في غربان البصرة]

وبالبصرة من شأن الغربان ضروب من العجب، لو كان ذلك بمصر أو ببعض الشامات [١] : لكان عندهم من أجود الطّلّسم. وذلك أنّ الغربان تقطع إلينا في الخريف، فترى النّخل وبعضها مصرومة [٢] ، وعلى كلّ نخلة عدد كثير من الغربان، وليس منها شيء يقرب نخلة واحدة من النّخل الذي لم يصرم، ولو لم يبق عليها إلا عذق واحد. وإنّما أو كار جميع الطير المصوّت في أقلاب تلك النّخل، والغراب أطير وأقوى منها ثم لا يجترئ أن يسقط على نخلة منها، بعد أن يكون قد بقي عليها عذق واحد.

٨٦٩-[منقار الغراب]

ومنقار الغراب معول، وهو شديد النّقر. وإنّه ليصل إلى الكمأة المندفنة في الأرض بنقرة واحدة حتى يشخصها. ولهو أبصر بمواضع الكمأة من أعرابيّ يطلبها في منبت الإجردّ [٣] والقصيص [٤] ، في يوم له شمس حارّة. وإن الأعرابيّ ليحتاج إلى أن


[١] الشامات: بلاد الشام.
[٢] صرم: قطع «القاموس: صرم» .
[٣] الإجرد: نبت يدل على الكمأة، واحدته إجردّة، وقال النضر: الإجرد: بقل، يقال: له حب كأنه الفلفل. «اللسان: جرد» .
[٤] القصيص: جمع قصيصة، وهي شجرة تنبت في أصلها الكمأة، وقد يجعل غسلا للرأس.
«اللسان: قصص» .

<<  <  ج: ص:  >  >>