يكون جماما لبعض، ولا يزال نشاطه زائدا. ومتى خرج من آي القرآن صار إلى الأثر، ومتى خرج من أثر صار إلى خبر، ثم يخرج من الخبر إلى شعر، ومن الشعر إلى نوادر، ومن النوادر إلى حكم عقليّة، ومقاييس سداد، ثم لا يترك هذا الباب؛ ولعلّه أن يكون أثقل، والملال إليه أسرع، حتّى يفضي به إلى مزح وفكاهة، وإلى سخف وخرافة، ولست أراه سخفا، إذ كنت إنما استعملت سيرة الحكماء، وآداب العلماء.
٦٢-[مخاطبة القرآن للعرب وبني إسرائيل]
ورأينا الله تبارك وتعالى، إذا خاطب العرب والأعراب، أخرج الكلام مخرج الإشارة والوحي والحذف، وإذا خاطب بني إسرائيل أو حكى عنهم، جعله مبسوطا، وزاد في الكلام. فأصوب العمل اتّباع آثار العلماء، والاحتذاء على مثال القدماء، والأخذ بما عليه الجماعة.
٦٣-[شعر في صفة الكتب]
قال ابن يسير في صفة الكتب، في كلمة له «١» : [من البسيط]
١- أقبلت أهرب لا آلو مباعدة ... في الأرض منهم فلم يحصنّي الهرب
٢- بقصر أوس فما والت خنادقه ... ولا النواويس فالماخور فالخرب
٣- فأيّما موئل منها اعتصمت به ... فمن ورائي حثيثا منهم الطلب
٤- لمّا رأيت بأني لست معجزهم ... فوتا ولا هربا، قرّبت أحتجب
٥- فصرت في البيت مسرورا بهم جذلا ... جار البراءة لا شكوى ولا شغب
٦- فردا يحدّثني الموتى وتنطق لي ... عن علم ما غاب عنّي منهم الكتب
٧- هم مؤنسون وألّاف غنيت بهم ... فليس لي في أنيس غيرهم أرب
٨- لله من جلساء لا جليسهم ... ولا عشيرهم للسّوء مرتقب
٩- لا بادرات الأذى يخشى رفيقهم ... ولا يلاقيه منهم منطق ذرب
١٠- أبقوا لنا حكما تبقى منافعها ... أخرى الليالي على الأيّام وانشعبوا
١١- فأيّما آدب منهم مددت يدي ... إليه فهو قريب من يدي كثب