للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن عضرفوط حطّ بي فأقمته ... يبادر وردا من عظاء قوارب

وأمّا قوله:

٢٥-

«وهدهد يكفره بكر»

فإنّما ذلك لأنّه كان حاجّ بكر ابن أخت عبد الواحد [صاحب] [١] البكريّة، فقال له [٢] : أتخبر عن حال الهدهد بخبر؟ إنه كان يعرف طاعة الله عزّ وجل من معصيته، وقد ترك موضعه وسار إلى بلاد سبأ، وهو وإن أطرف سليمان بذلك الخبر وقبله منه فإنّ ذنبه في ترك موضعه الذي وكلّ به، وجولانه في البلدان على حاله. ولا يكون ذلك مما يجعل ذنبه السابق إحسانا. والمعصية لا تنقلب طاعة، فلم لا تشهد عليه بالنّفاق؟ قال: فإني أفعل! قال: فحكى ذلك عنه فقال: أمّا هو فقد كان سلم على سليمان وقد كان قال: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ

[٣] ، فلمّا أتاه بذلك الخبر، رأى أنّه قد أدلى بحجّة، فلم يعذّبه، ولم يذبحه.

فإن كان ذنبه على حاله، فكيف يكون ما هجم عليه ممّا لم يرسل فيه ولم يقصد له حجّة؟ وكيف يبقي هذا عليه.

وبكر يزعم أن الأطفال والبهائم لا تأثم، ولا يجوز أن يؤثم الله تعالى إلّا المسيئين. فقال بشر لبكر: بأيّ شيء تستدلّ على أنّ المسيء يعلم أنه مسيء؟

قال: بخجله، واعتذاره بتوبته. قال: فإنّ العقرب متى لسعت فرّت من خوف القتل، وهذا يدلّ على أنّها جانية، وأنت تزعم أنّ كلّ شيء عاص كافر، فينبغي للعقرب أن تكون كافرة، إذا لم يكن لها عذر في الإساءة.

١٨٤٥-[الببر والنمر]

وأمّا قوله:

٢٧- «والببر فيه عجب عاجب ... إذا تلاقى الليث والنّمر»

لأنّ الببر مسالم للأسد، والنّمر يطالبه، فإذا التقيا أعان الببر الأسد.


[١] إضافة يقتضيها الكلام.
[٢] أي قال له بشر.
[٣] ٢١/النمل: ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>