خرجوا، على أنّ جميع الخلق يطالبونهم، وعلى أنّ السلطان لم يولّ إلّا لمكانهم.
والكلاب لم تتّخذ إلا للإنذار بهم، وعلى أنّهم إذا أخذوا ماتوا كراما.
ولعلّ المدينة قد كانت في ذلك الدهر مأمونا عليها من أهل الفساد وكان أكثر كلابها عقورا، وأكثر فتيانها من بين مهارش أو مقامر. والكلب العقور والكلب الكلب أشدّ مضرّة من الذئب المأمور بقتله.
وقد يعرض للكلاب الكلب والجنون لأمور: منها أن تأكل لحوم الناس، ومنها كالجنون الذي يعرض لسائر الحيوان.
٢٣١-[قتل العامة للوزغ]
وجهّال النّاس اليوم يقتلون الوزغ، على أنّ آباءها وأمهاتها كانت تنفخ على نار إبراهيم، وتنقل إليها الحطب. فأحسب أنّ آباءها وأمّهاتها قد كنّ يعرفن فصل ما بين النّبيّ والمتنبّي، وأنّهن اعتقدن عداوة إبراهيم، على تقصير في أصل النظر، أو عن معاندة بعد الاستبانة حتّى فعلن ذلك- كيف جاز لنا أن تزر وازرة وزر أخرى؟! إلّا أن تدّعوا أنّ هذه التي نقتلها هي تلك الجاحدة للنبوّة، والكافرة بالربوبيّة، وأنّها لا تتناكح ولا تتوالد.
وقد يستقيم في بعض الأمر أن تقتل أكثر هذه الأجناس، إمّا من طريق المحنة والتعبّد وإمّا إذ كان الله عزّ وجلّ قد قضى على جماعتها الموت، أن يجري ذلك المجرى على أيدي الناس، كما أجرى موت جميع الناس على يد ملك واحد، وهو ملك الموت.
وبعد فلعلّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال هذا القول إن كان قاله، على الحكاية لأقاويل قوم.
ولعلّ ذلك كان على معنى كان يومئذ معلوما فترك النّاس العلّة ورووا الخبر سالما من العلل، مجرّدا غير مضمّن.
ولعلّ من سمع هذا الحديث شهد آخر الكلام ولم يشهد أوّله، ولعلّه عليه الصلاة والسلام قصد بهذا الكلام إلى ناس من أصحابه قد كان دار بينهم وبينه فيه شيء. وكلّ ذلك ممكن سائغ غير مستنكر ولا مدفوع.
٢٣٢-[قتل الفواسق]
وقد رويتم في الفواسق ما قد رويتم في الحيّة والحدأة والعقرب والفأرة