للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخبّرني كم شئت من الناس، أنّه رأى أصحاب الجبن الرّطب بالأهواز وقراها، يأخذون القطعة الضّخمة من الجبن الرّطب، وفيها ككواء الزنابير، وقد تولّد فيها الدّيدان، فينفضها وسط راحته، ثمّ يقمحها في فيه، كما يقمح السّويق والسّكّر، أو ما هو أطيب منه.

٩٧٨-[آيات في تعذيب الناس بالحيوان]

وقد خبّر الله تعالى عن أصحاب النّقم، وما أنزل الله من العذاب، وما أخذ من الشكل والمقابلات، فقال: فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا

[١] ، وقال:

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ. أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ. وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ. تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ

[٢] .

وليس من هذه الأصناف شيء أبلغ في المثلة والشّنعة، ممّن جعل منهم القردة والخنازير.

٩٧٩-[الأهلي والوحشي من الحيوان]

فالخنزير يكون أهليا ووحشيا، كالحمير والسّنانير، مما يعايش النّاس. وكلها لا تقبل الآداب. وإنّ الفهود وهي وحشيّة تقبل كلها، كما تقبل البوازي، والشّواهين، والصقورة، والزّرّق، واليؤيؤ، والعقاب، وعناق الأرض، وجميع الجوارح الوحشيّات.

ثمّ يفضلها الفهد بخصلة غريبة وذلك أنّ كبارها ومسانّها أقبل للآداب، وإن تقادمت في الوحش، من أولادها الصغار، وإن كانت تقبل الآداب؛ لأنّ الصغير إذا أدّب فبلغ، خرج جبينا مواكلا، والمسنّ الوحشيّ يخلص لك كله، حتى يصير أصيد وأنفع.

وصغار سباع الطّير وكبارها على خلاف ذلك، وإن كان الجميع يقبل الأدب.

والخنزير وإن كان أهليّا فإنه لا يقبل الأدب على حال، حتى كأنّه- وإن كان بهيمة- في طباع ذئب.

وذلك أن أعرابيّا أخذ جرو ذئب وكان التقطه التقاطا، فقال: أخذته وهو لا يعرف أبويه ولا عملهما، وهو غرّ لم يصد شيئا، فهو إذا ربّيناه وألّفناه، أنفع لنا من


[١] ٤٠/العنكبوت: ٢٩.
[٢] /الفيل: ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>