للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع تلك، ويزقّ مع هذه ومع تلك، ورأيت أنثى تبيض بيضة، ورأيت أنثى تبيض في أكثر حالاتها ثلاث بيضات.

وزعم أنّه إنّما جزم بذلك فيها ولم يظنه بالذّكر، لأنّها قد كانت قبل ذلك عند ذكر آخر، وكانت تبيض كذلك.

ورأيت أنا حمامة في المنزل لم يعرض لها ذكر إلّا اشتدّت نحوه بحدّة ونزق وتسرّع، حتى تنقر أين صادفت منه، حتى يصدّ عنها كالهارب منها، وكان زوجها جميلا في العين رائعا، وكان لها في المنزل بنون وبنو بنين وبنات وبنات بنات، وكان في العين كأنّه أشبّ من جميعهنّ. وقد بلغ من حظوته أني قلّما رأيته أراد واحدة من عرض تلك الإناث فامتنعت عليه، وقد كن يمتنعن من غيره، فبينا أنا ذات يوم جالس بحيث أراهنّ إذ رأيت تلك الأنثى قد زافت لبعض بنيها! فقلت لخادمي: ما الذي غيّرها عن ذلك الخلق الكريم؟ فقال: إني رحّلت زوجها من القاطول [١] فذهب، ولهذا شهر. فقلت: هذا عذر! قال مثنّى بن زهير: وقد رأيت الحمامة تزاوج هذا الحمام، ثم تتحول منه إلى آخر، ورأيت ذكرا فعل مثل ذلك في الإناث، ورأيت الذّكر كثير النّسل قويا على القمط، ثمّ يصفي كما يصفي الرّجل إذا أكثر من النّسل والجماع.

ثمّ عدّد مثنّى أبوابا غير ما حفظت ممّا يصاب مثله في الناس.

٦٤٩-[معرفة مثنّى بن زهير بالحمام]

وزعموا أنّ مثنّى كان ينظر إلى العاتق [٢] والمخلف، فيظن أنّه يجيء من الغاية فلا يكاد ظنه يخطئ. وكان إذا أظهر ابتياع حمام أغلوه عليه، وقالوا: لم يطلبه إلّا وقد رأى فيه علامة المجيء من الغاية، وكان يدسّ في ذلك ففطنوا له وتحفظوا منه، فربّما اشترى نصفه وثلثه، فلا يقصّر عند الزّجال من الغاية.

وكان له خصيّ يقال له خديج، يجري مجراه، فكانا إذا تناظرا في شأن طائر لم تخلف فراستهما.


[١] القاطول: اسم نهر كأنه مقطوع من دجلة؛ وهو نهر كان في موضع سامرا قبل أن تعمّر. معجم البلدان ٤/٢٩٩.
[٢] العاتق: فرخ الطائر إذا طار واستقل «القاموس: عتق» .

<<  <  ج: ص:  >  >>