للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما ذكرتم من شعر هذا الضّبّي، فإنّ الضّبّي مخضرم.

وزعمتم أنّكم وجدتم ذكر الشّهب في كتب القدماء من الفلاسفة، وأنّه في الآثار العلوية لأرسطاطاليس، حين ذكر القول في الشّهب، مع القول في الكواكب ذوات الذوائب، ومع القول في القوس، والطّوق الذي يكون حول القمر بالليل. فإن كنتم بمثل هذا تستعينون، وإليه تفزعون، فإنّا نوجدكم من كذب التّراجمة وزيادتهم، ومن فساد الكتاب، من جهة تأويل الكلام، ومن جهة جهل المترجم بنقل لغة إلى لغة، ومن جهة فساد النّسخ، ومن أنه قد تقادم فاعترضت دونه الدّهور والأحقاب، فصار لا يؤمن عليه ضروب التّبديل والفساد. وهذا الكلام معروف صحيح.

وأما ما رويتم من شعر الأفوه الأوديّ فلعمري إنّه لجاهليّ، وما وجدنا أحدا من الرّواة يشكّ في أن القصيدة مصنوعة. وبعد فمن أين علم الأفوه أنّ الشهب التي يراها إنما هي قذف ورجم، وهو جاهليّ، ولم يدّع هذا أحد قطّ إلا المسلمون؟ فهذا دليل آخر على أن القصيدة مصنوعة.

١٨٢٧-[رجع القول إلى تفسير قصيدة البهراني]

ثم رجع بنا القول إلى تفسير قصيدة البهرانيّ [١] :

وأما قوله: [من الخفيف]

٢٨- «جائبا للبحار أهدي لعرسي ... فلفلا مجتنى وهضمة عطر

٢٩- وأحلّي هرير من صدف البح ... ر وأسقي العيال من نيل مصر»

فإن الناس يقولون: إن السّاحر لا يكون ماهرا حتّى يأتى بالفلفل الرّطب من سرنديب. وهريرة: اسم امرأته الجنّيّة.

وذكر الظّبي الذي جعله مركبه إلى بلاد الهند، فقال:

٣٠- «وأجوب البلاد تحتي ظبي ... ضاحك سنّه كثير التّمرّي

٣٢- مولج دبره خواية مكو ... وهو باللّيل في العفاريت يسري»

يقول: هذا الظّبي الذي من جبنه وحذره، من بين جميع الوحش، لا يدخل حراه [٢] إلا مستدبرا، لتكون عيناه تلقاء ما يخاف أن يغشاه هو الذي يسري مع العفاريت باللّيل ضاحكا بي هازئا إذا كان تحتي.


[١] تقدمت القصيدة ص ٣٥٨- ٣٦٠.
[٢] الحرا: مأوى الظبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>