إذا استغزر الذهن الجليّ وأقبلت ... أعاليه في القرطاس وهي أسافل
وقد رفدته الخنصران وسدّدت ... ثلاث نواحيه الثلاث الأنامل
رأيت جليلا شأنه وهو مرهف ... ضنى وسمينا خطبه وهو ناحل
أرى ابن أبي مروان أمّا لقاؤه ... فدان وأمّا الحكم فيه فعادل
وقد ذكر البحتريّ في كلمة له، بعض كهول العسكر، ومن أنبل أبناء كتّابهم الجلّة فقال:[من الكامل]
وإذا دجت أقلامه ثم انتحت ... برقت مصابيح الدّجى في كتبه
٣٧-[تدوين الكتابات القديمة]
وكانوا يجعلون الكتاب حفرا في الصخور، ونقشا في الحجارة، وخلقة مركّبة في البنيان، فربّما كان الكتاب هو الناتئ، وربّما كان الكتاب هو الحفر، إذا كان تاريخا لأمر جسيم، أو عهدا لأمر عظيم، أو موعظة يرتجى نفعها، أو إحياء شرف يريدون تخليد ذكره، أو تطويل مدته، كما كتبوا على قبّة غمدان «١» ، وعلى باب القيروان، وعلى باب سمرقند «٢» ، وعلى عمود مأرب، وعلى ركن المشقّر «٣» ، وعلى الأبلق الفرد «٤» ، وعلى باب الرّها «٥» ، يعمدون إلى الأماكن المشهورة، والمواضع المذكورة، فيضعون الخطّ في أبعد المواضع من الدّثور، وأمنعها من الدروس، وأجدر أن يراها من مرّبها، ولا تنسى على وجه الدهر.
٣٨-[فضل الخطوط]
وأقول: لولا الخطوط لبطلت العهود والشروط والسّجلّات والصّكاك، وكلّ