والخصاء في أحداث البهائم، وفي الغنم خاصة، يدع اللّحم رخصا ونديّا عذبا، فإن خصاه بعد الكبر، لم يقو خصاؤه- بعد استحكام القوّة- على قلب طباعه. وأجود الخصاء ما كان في الصّغر، وهو يسمّى بالفارسية ثربخت يعنى بذلك أنّه خصي رطبا. والخصيّ من فحولها أحمل للشحم، لعدم الهيج والنّعظ، وخروج قواه مع ماء الفحلة. وكثرة السّفاد تورث الضّعف والهزال في جميع الحيوان. وقد ذكر لمعاوية كثرة الجماع فقال: ما استهتر به أحد إلّا رأيت ذلك في منّته «١» .
والديك يخصى ليرطب لحمه ويطيب ويحمل الشحم.
٩٤-[خصاء العرب لفحولة الإبل]
وكانت العرب تخصي فحولة الإبل لئلّا يأكل بعضها بعضا، وتستبقي ما كان أجود ضرابا، وأكثر نسلا، وكلّ ما كان مئناثا وكان شابّا ولم يكن مذكارا، وهم يسمّون الإذكار المحق الخفيّ. وما كان منها عياياء طباقاء، فمنها ما يجعل السّدم المعنّى. وإذا كان الفحل لا يتّخذ للضّراب، شدّوا ثيله شدّا شديدا، وتركوه يهدر ويقبقب في الهجمة. ولا يصل إليهنّ وإن أردنه، فإذا طلبن الفحل جيء لهنّ بفحل قعسريّ «٢» ويقولون: «لقوة لاقت قبيسا!»«٣» . والقبيس من الجمال: السريع الإلقاح، واللّقوة: السريعة القبول لماء الفحل.
وشكت امرأة زوجها. وأخبرت عن جهله بإتيان النساء. وعيّه وعجزه. وأنّه إذا سقط عليها أطبق صدره- والنساء يكرهن وقوع صدور الرجال على صدورهنّ- فقالت: زوجي عياياء طباقاء، وكلّ داء له داء «٤» !! وقال الشاعر: [من الطويل]
طباقاء لم يشهد خصوما ولم يقد ... ركابا إلى أكوارها حين تعكف «٥»