للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٧-[بين أنصار الكتب وأنصار الشعر]

قالوا: فكيف تكون هذه الكتب أنفع لأهلها من الشعر المقفّى؟

قال الآخر: إذا كان الأمر على ما قلتم، والشأن على ما نزّلتم، أليس معلوما أنّ شيئا هذه بقيّته وفضلته وسؤره وصبابته، وهذا مظهر حاله على شدّة الضيم، وثبات قوته على ذلك الفساد وتداول النقص، حريّ بالتعظيم، وحقيق بالتفضيل على البنيان، والتقديم على شعر إن هو حوّل تهافت، ونفعه مقصور على أهله، وهو يعدّ من الأدب المقصور، وليس بالمبسوط، ومن المنافع الاصطلاحيّة وليست بحقيقة بيّنة، وكلّ شيء في العالم من الصناعات والأرفاق والآلات، فهي موجودات في هذه الكتب دون الأشعار، وها هنا كتب هي بيننا وبينكم، مثل كتاب أقليدس، ومثل كتاب جالينوس، ومثل المجسطي، ممّا تولّاه الحجّاج، وكتب كثيرة لا تحصى فيها بلاغ للناس، وإن كانت مختلفة ومنقوصة مظلومة ومغيّرة، فالباقي كاف شاف، والغائب منها كان تكميلا لتسلّط الطبائع الكاملة.

فأما فضيلة الشعر فعلى ما حكينا، ومنتهى نفعه إلى حيث انتهى بنا القول.

وحسبك ما في أيدي الناس من كتب الحساب، والطبّ، والمنطق، والهندسة، ومعرفة اللّحون، والفلاحة، والتّجارة، وأبواب الأصباغ، والعطر، والأطعمة، والآلات.

وهم أتوكم بالحكمة، وبالمنفعة التي في الحمّامات وفي الأصطرلابات «١» والقرسطونات «٢» وآلات معرفة الساعات، وصنعة الزجاج والفسيفساء، والأسرنج «٣» والزنجفور «٤» واللازورد «٥» والأشربة، والأنبجات «٦» ، والأيارجات «٧» ولكم المينا،

<<  <  ج: ص:  >  >>