ومنه استهلال الصبي، ولذلك قال الأعرابيّ: أرأيت من لا شرب ولا أكل ولا صاح واستهل، أليس ذلك يطلّ «١» ؟!
٢٨٠-[معرفة أبي نواس بالكلاب]
وإذا ضبع الكلب، وهو أن يمدّ ضبعه كلّه، ولا يكون كالحمار الضيّق الإبطين- والكلب في افتراش ذراعيه وبسط رجليه حتّى يصيب قصّه الأرض، أكثر من الفرس- وعند ذلك ما ينشط أذنيه حتّى يدميهما ولذلك قال الحسن بن هانئ، وقد طال ما نعت بهما:[من الرّجز]
فانصاع كالكوكب في انحداره ... لفت المشير موهنا بناره «٢»
شدّا إذا أحصف في إحضاره ... خرّق أذنيه شبا أظفاره «٣»
وأوّل هذه الأرجوزة:
لما غدا الثّعلب من وجاره ... يلتمس الكسب على صغاره
وأنا كتبت لك رجزه في هذا الباب، لأنّه كان عالما راوية، وكان قد لعب بالكلاب زمانا، وعرف منها ما لا تعرفه الأعراب، وذلك موجود في شعره، وصفات الكلاب مستقصاة في أراجيزه، هذا مع جودة الطبع وجودة السبك، والحذق بالصنعة، وإن تأمّلت شعره فضّلته، إلّا أن تعترض عليك فيه العصبيّة، أو ترى أنّ أهل البدو أبدا أشعر، وأنّ المولّدين لا يقاربونهم في شيء. فإن اعترض هذا الباب عليك فإنك لا تبصر الحقّ من الباطل، مادمت مغلوبا.
٢٨١-[طرديات أبي نواس]
[١] قال الحسن بن هانئ: [من الرجز]
لما غدا الثعلب من وجاره ... يلتمس الكسب على صغاره «٤»