للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنقضي الحرب التي بينهم فيجتمعوا عليك! فنهاهم عن ذلك وخطّأ رأيهم، فأبوا عليه إلّا أن يغزوا العرب في بلادهم. فلمّا رأى ذلك منهم أمر بكلبين فحرّش بينهما، فاقتتلا قتالا شديدا، ثمّ دعا بثعلب فخلّاه، فلما رأى الكلبان الثعلب، تركا ماكانا فيه، وأقبلا عليه حتّى قتلاه، فقال ملك الروم: كيف ترون!؟ هكذا العرب، تقتتل بينها، فإذا رأونا تركوا ذلك واجتمعوا علينا فعرفوا صدقه، ورجعوا عن رأيهم.

٣٧٤-[كرم الكلاب]

قال: وقال المغيرة لرجل خاصم إليه صديقا له، وكان الصديق توعّده بصداقة المغيرة، فأعلمه الرجل ذلك، وقال: إنّ هذا يتوعّدني بمعرفتك إيّاه، وزعم أنّها تنفعه عندك. قال «١» : أجل! إنّها والله لتنفع، وإنّها لتنفع عند الكلب العقور «٢» !.

فإذا كان الكلب العقور كذلك، فما ظنّك بغيره؟ وأنت لا تصيب من الناس من تنفع عنده المعرفة من ألف واحدا.

وهذا الكرم في الكلاب عامّ. والكلب يحرس ربّه، ويحمي حريمه شاهدا وغائبا، وذاكرا وغافلا، ونائما ويقظان، ولا يقصّر عن ذلك وإن جفوه، ولا يخذلهم وإن خذلوه.

٣٧٥-[نعاس الكلب] «٣»

والكلب أيقظ الحيوان عينا في وقت حاجتهم إلى النوم، وإنّما نومه نهارا، عند استغنائهم عن حراسة، ثمّ لا ينام إلّا غرارا وإلّا غشاشا «٤» . وأغلب ما يكوم النّوم عليه وأشدّ ما يكون إسكارا له أن يكون كما قال رؤبة: [من الرجز]

لاقيت مطلا كنعاس الكلب «٥»

يعني بذلك القرمطة في المواعيد.

وكذلك فإنّه أنوم ما يكون أن يفتح عينه بقدر ما يكفيه للحراسة، وذلك ساعة،

<<  <  ج: ص:  >  >>