للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال قد ونم الذّباب- في معنى خرئ الإنسان- وعرّ الطائر. وصام النّعام، وذرق الحمام. قال الشاعر [١] : [من الوافر]

وقد ونم الذّباب عليه حتّى ... كأنّ ونيمه نقط المداد

وليس طول كوم البعير إذا ركب النّاقة، والخنزير إذا ركب الخنزيرة، بأطول ساعة من لبث ذكورة الذّبان على ظهور الإناث عند السّفاد.

٨٠٣-[تخلق الذّباب]

[٢] والذّباب من الخلق الذي يكون مرّة من السّفاد والولاد، ومرّة من تعفّن الأجسام والفساد الحادث في الأجرام.

والباقلاء إذا عتق شيئا في الأنبار [٣] استحال كلّه ذبابا، فربّما أغفلوه في تلك الأنبار فيعودون إلى الأنبار [٣] وقد تطاير من الكوى والخروق فلا يجدون في الأنبار إلّا القشور.

والذّباب الذي يخلق من الباقلاء يكون دودا، ثمّ يعود ذبابا. وما أكثر ما ترى الباقلاء مثقّبا في داخله شيء كأنّه مسحوق، إذا كان الله قد خلق منه الذّبّان وصيّره.

وما أكثر ما تجده فيه تامّ الخلق. ولو تمّ جناحاه لقد كان طار.

٨٠٤-[حديث شيخ عن تخلق الذّباب]

وحدّثني بعض أصحابنا عن شيخ من أهل الخريبة قال: كنت أحبّ الباقلاء، وأردت، إمّا البصرة وإما بغداد- ذهب عنّي حفظه- فصرت في سفينة حملها باقلاء، فقلت في نفسي: هذا والله من الحظّ وسعادة الجدّ، ومن التّوفيق والتسديد، ولقد أربع من وقع له مثل هذا الذي قد وقع لي: أجلس في هذه السفينة على هذا الباقلاء، فآكل منه نيّا ومطبوخا ومقلوّا، وأرضّ [٤] بعضه وأطحنه، وأجعله مرقا وإداما، وهو يغذو غذاء صالحا، ويسمن، ويزيد في الباه. فابتدأت فيما أمّلته، ودفعنا السّفينة،


[١] البيت للفرزدق في ديوانه ٢١٥ (طبعة الصاوي) ، واللسان والتاج (ونم) ، والمجمل ٤/٥٥٦، والجمهرة ٩٩٢، وبلا نسبة في ديوان الأدب ٣/٢٥٥، والمخصص ٨/١٨٦، والتهذيب ١٥/٥٣٥، ١٦/٢٠٩.
[٢] انظر الفقرة (٧٩٧) .
[٣] الأنبار: جمع نبر، وهو بيت التاجر ينضّد فيه المتاع، والأنبار أيضا: أكداس الطعام «القاموس: نبر» .
[٤] أرضّ: أدق «القاموس: رضض» .

<<  <  ج: ص:  >  >>