ولا يكون من اليعملات ولا من السابقة، ولو عالوه وكفوه مؤنة تكلف المأكول والمشروب، ثم بلغ إلى أن يصير جملا يمكنه الضّراب. وكذلك الأنثى التي هي الحائل إلى أن تصير ناقة؛ فلو ألقحها الفحل لجاء ولدها أقصر عنقا من الفيل، الذي لو لم يجعل الله تعالى له خرطوما يتناول به طعامه وشرابه، لمات جوعا وهزالا؛ وليس كذلك العراب. وإذا ضربت الفوالج في العراب جاءت هذه الجوامز والبخت الكريمة التي تجمع عامّة خصال العراب وخصال البخت، فيكون ما يخرج التركيب من هذين الجنسين أكرم وأفخم وأنفس وأثمن. ومتى ضربت فحول العراب في إناث البخت جاءت هذه الإبل البهونيّة «١»
والصّرصرانية «٢»
فتخرج أقبح منظرا من أبويها، وأشدّ أسرا من أبويها. وقال الراجز:[من الرجز]
ولا بهونيّ من الأباعر
وبعد؛ فإنّ هذه الشّهريّة الخراسانية، يخرج لها أبدان فوق أبدان أمّهاتها وآبائها من الخيل والبراذين، وتأخذ من عتق الخيل، ومن وثاجة «٣»
البراذين، وليس نتاجها كنتاج البرذون خالصا والفرس خالصا.
وما أشبه قرابة الحمار بالرّمكة والحجر، من قرابة الجمل الفالج البختيّ بقرابة القلوص الأعرابيّة.
١٠٠-[أطول الحمير أعمارا]
ويقال إن الحمر الوحشيّة، وبخاصّة الأخدريّة، أطول الحمير أعمارا وإنما هي من نتاج الأخدر، فرس كان لأردشير بن بابك صار وحشيّا فحمى عدّة عانات فضرب فيها، فجاء أولاده منها أعظم من سائر الحمر وأحسن. وخرجت أعمارها عن أعمار الخيل وسائر الحمر- أعني حمر الوحش- فإنّ أعمارها تزيد على الأهليّة مرارا عدّة.
١٠١-[عير أبي سيارة]
ولا يعرفون حمارا وحشيّا عاش أكثر وعمّر أطول من عير أبي سيّارة عميلة بن أعزل؛ فإنهم لا يشكّون أنّه دفع عليه بأهل الموسم أربعين عاما «٤»