والموت إلى الدّجاج سريع جدّا، العادة في صغار فراريجها خلاف ما عليها نتوّ فراخ الحمام، لأنّ الفرّوج تتصدّع عنه البيضة فهو كيّس ظريف، مليح مقبول، محبّ، غنيّ بنفسه، مكتف بمعرفته، بصير بموضع معيشته من لقط الحب، ومن صيد الذّباب وصغار الطير من الهوامّ. ويخرج كاسيا حتى كأنّه من أولاد ذوات الأربع.
ويخرج سريع الحركة شديد الصوت حديده، يدعى بالنّقر فيجيب، ولا يقال له: قر، قر، ثلاث مرّات- حتى يلقنه. فإن استدبره مستدبر ودعاه عطف عليه، وتتّبع الذي يطعمه ويلاعبه، وإن تباعد من مكانه الأوّل. فهو آلف شيء. ثمّ كلما مرّت عليه الأيام ماق وحمق، ونقص كيسه، وأقبل قبحه وأدبر ملحه. فلا يزال كذلك حتى ينسلخ من جميع ما كان يحبّ له إلى ضدّ ذلك، ويصير من حالة إلى حال لم يبلغ الانتفاع بذبحه وبيضه وفراريجه. وذهب عنهم الاستمتاع بكيسه. ولا يكاد يقبل الشّحم. حتى يلحق بأبيه، وكذلك إن كانت أنثى، لا تقبل السّمن، ولا تحمل اللّحم حتّى تكاد تلحق بأمّها في الجثّة.
والفرخ يخرج حارضا «١» ساقطا، أنقص من أن يقال له مائق، وأقبح شيء، وهو في ذلك عاري الجلد مختلف الأوصال متفاوت الأعضاء، ضعيف الحوصلة، عظيم المنقار، فكلمّا مرّت به الأيّام زادت في لحمه وشحمه، وفي معرفته وبصره، حتى إذا بلغ خرج منه من الأمور المحمودة ما عسى لو أنّ واصفا تتبّع ذلك لملأ منه الأجلاد الكثيرة. ثم إذا جاز حدّ الفراخ إلى حدّ النواهض «٢» ، إلى حدّ العتّق والمخالب «٣» ، قلّ لحمه وذهب شحمه على حساب ذلك ينقص. فإذا تمّ وانتهى لم تكن في الأرض دابّة ولا طائر أقلّ شحما ولا أخبث لحما منه، ولا أجدر ألّا يقبل شيئا من السّمن ولو تخيّروا له فؤارة «٤» المسمنات وما يسمّن به- ما سمن.
٥١٢-[علة قلة البيض إذا كثر الدجاج]
وسألت عن السّبب الذي صار له الدّجاج إذا كثرن قلّ بيضهنّ وفراخهنّ، فزعموا أنّها في طباع النّخل، فإن النّخلة إذا زحمت أختها، بل إذا مسّ طرف سعفها