للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زعم أنّ من الأفاعي جنسا لا يضرّ الفراريج من بين الأشياء، ولا أدري أيّ الخبرين أبعد: أخبر ابن غالب في تفسيخ الثّوب، أو خبر ابن المثنى في سلامة الفرّوج على الأفعى؟

١٠٢٤-[ما تضيء عينه من الحيوان]

وزعم محمد بن الجهم أنّ العيون التي تضيء بالليل كأنها مصابيح، عيون الأسد والنمور، والسّنانير والأفاعي. فبينا نحن عنده إذ دخل عليه بعض من يجلب الأفاعي من سجستان، ويعمل التّرياقات، ويبيعها أحياء ومعمولة [١] ، فقال له:

حدّثهم بالذي حدّثتني به من عين الأفعى. قال: نعم، كنت في منزلي نائما في ظلمة، وقد كنت جمعت رؤوس أفاع كنّ عندي، لأرمي بها، وأغفلت تحت السّرير رأسا واحدا، ففتحت عيني تجاه السّرير في الظلمة، فرأيت ضياء إلّا أنّه ضئيل ضعيف رقيق، فقلت: عين غول أو بعض أولاء السّعالى، وذهبت نفسي في ألوان من المعاني، فقمت فقدحت نارا، وأخذت المصباح معي، ومضيت نحو السرير فلم أجد تحته إلّا رأس أفعى، فأطفأت السّراج ونمت وفتحت عيني، فإذا ذلك الضوء على حاله، فنهضت فصنعت كصنيعي الأوّل، حتى فعلت ذلك مرارا. قال: فقلت آخر مرّة: ما أرى شيئا إلّا رأس أفعى، فلو نحّيته! فنحّيته وأطفأت السّراج، ثمّ رجعت إلى منامي، ففتحت عيني فلم أر الضّوء، فعلمت أنّه من عين الأفعى، ثمّ سألت عن ذلك، فإذا الأمر حقّ، وإذا هو مشهور في أهل هذه الصّناعة.

١٠٢٥-[علة قوة بدن الحية]

قال: وربّما قبض الرّجل الشديد الأسر والقوّة القبضة على قفا الحيّة فتلتفّ عليه فتصرعه. وفي صعودها وفي سعيها خلف الرّجل الشديد الحضر، أو عند هربها حتّى تفوت وتسبق، وليست بذات قوائم، وإنما تنساب على بطنها، وفي تدافع أجزائها وتعاونها، وفي حركة الكلّ من ذات نفسها، دليل على إفراط قوّة بدنها.

ومن ذلك أنها لا تمضغ، وإنما تبتلع، فربّما كان في البضعة أو في الشيء الذي ابتلعته عظم، فتأتي جذم شجرة، أو حجرا شاخصا [٢] فتنطوي عليه انطواء شديدا فيتحطّم ذلك العظم حتّى يصير رفاتا.


[١] في حياة الحيوان ١/٤٠١ «الحية» : (يحرم أكل الترياق المعمول من لحومها) .
[٢] شخص: ارتفع. (القاموس: شخص) .

<<  <  ج: ص:  >  >>