للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قمامة. فأما علماؤهم وعقلاؤهم فليسوا بمتحاشين من الكذب الصّرف، والجراءة على البهتان البحت. وقد تعوّدوا المكابرة حتى دربوا بها الدّرب الذي لا يفطن له إلا ذو الفراسة الثّابتة، والمعرفة الثّاقبة.

١٧٩٢-[إيمان الأعراب وأشباههم بالهواتف]

والأعراب وأشباه الأعراب لا يتحاشون من الإيمان بالهاتف، بل يتعجّبون ممن ردّ ذلك [١] . فمن ذلك حديث الأعشى بن نبّاش بن زرارة الأسدي، أنه سمع هاتفا يقول [٢] : [من الطويل]

لقد هلك الفيّاض غيث بني فهر ... وذو الباع والمجد الرّفيع وذو الفخر

قال: فقلت مجيبا له: [من الطويل]

ألا أيّها الناعي أخا الجود والنّدى ... من المرء تنعاه لنا من بين فهر

فقال: [من الطويل]

نعيت ابن جدعان بن عمرو أخا النّدى ... وذا الحسب القدموس والحسب القهر [٣]

وهذا الباب كثير.

قالوا: ولنقل الجنّ الأخبار علم الناس بوفاة الملوك، والأمور المهمة، كما تسامعوا بموت المنصور بالبصرة في اليوم الذي توفي فيه بقرب مكة. وهذا الباب أيضا كثير.

١٧٩٣-[من له رئيّ من الجن]

وكانوا يقولون: إذا ألف الجنّي إنسانا وتعطّف عليه، وخبّره ببعض الأخبار، وجد حسّه ورأى خياله، فإذا كان عندهم كذلك قالوا: مع فلان رئيّ من الجن. وممن يقولون ذلك فيه عمرو بن لحيّ بن قمعة، والمأمور الحارثي، وعتيبة بن الحارث بن شهاب، في ناس معروفين من ذوي الأقدار، من بين فارس رئيس، وسيّد مطاع.


[١] انظر مروج الذهب ٢/٣٩٥، الباب الخمسون.
[٢] الأبيات في آكام المرجان ١٤٠، والاشتقاق ١٤٢- ١٤٣.
[٣] القدموس: القديم.

<<  <  ج: ص:  >  >>