للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخر [١] : [من البسيط]

لا ينبت العشب في واد تكون به ... ولا يجاورها وحش ولا شجر

ربداء شابكة الأنياب ذابلة ... ينبو، من اليبس، عن يافوخها الحجر

لو سرّحت بالنّدى ما مسّها بلل ... ولو تكنّفها الحاوون ما قدروا [٢]

قد حاوروها فما قام الرّقاة لها ... وخاتلوها فما نالوا ولا ظفروا

تقصر الورل العادي بضربتها ... نكزا، ويهرب عنها الحيّة الذّكر [٣]

[جملة القول في الظليم]

١١٦٤-[أعاجيب في الظليم]

فممّا فيه من الأعاجيب أنّه يغتذي الصّخر، ويبتلع الحجارة، ويعمد إلى المرو، والمرو من الحجارة التي توصف بالملاسة، ويبتلع الحصى، والحصى أصلب من الصّخر، ثمّ يميعه ويذيبه في قانصته، حتّى يجعله كالماء الجاري، ويقصد إليه وهو واثق باستمرائه وهضمه، وأنّه له غذاء وقوام.

وفي ذلك أعجوبتان: إحداهما التّغذّي بما لا يتغذّي به. والأخرى استمراؤه وهضمه للشيء الذي لو ألقي في شيء ثم طبخ أبدا ما انحلّ ولا لان، والحجارة هو المثل المضروب في الشدّة. قال الشاعر: [من البسيط]

حتى يلين لضرس الماضغ الحجر

وقال آخر [٤] : [من البسيط]

ما أطيب العيش لو أنّ الفتى حجر ... تنبو الحوادث عنه وهو ملموم [٥]

ووصف الله قلوب قوم بالشدّة والقسوة، فقال: فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً

[٦] ، وقال في التشديد: ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ

[٧] . لأنه حين حذر


[١] الأبيات لعمرو بن شأس في ديوانه ٨٠، والحماسة البصرية ٢/٣٤٣.
[٢] في ديوانه «أي ينزلق عنها الندى لملاستها» .
[٣] في ديوانه «النكز: طعن الحية الحيوان بأنفها» .
[٤] البيت لابن مقبل في ديوانه ٢٧٣ (١٩٨) ، وشرح شواهد المغني ٢/٦٦١، وبلا نسبة في اللسان (أمت، نعم) ، والتاج (نعم) والخزانة ١١/٣٠٤، والخصائص ١/٣١٨ وشرح الأشموني ٣/٦٠٢، وشرح المفصل ١/٨٧، ومغني اللبيب ١/٢٧٠.
[٥] في ديوانه «الحجر الملموم: المجموع بعضه إلى بعض، وهو الصلب المستدير» .
[٦] ٧٤/البقرة: ٢.
[٧] ٦/التحريم: ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>