وتعداد أصناف معايبها ومثالبها، من لؤمها وجبنها وضعفها وشرهها، وغدرها وبذائها، وجهلها وتسرّعها، ونتنها وقذرها، وما جاء في الآثار من النّهي عن اتخاذها وإمساكها، ومن الأمر بقتلها وطردها، ومن كثرة جناياتها وقلّة ردّها ومن ضرب المثل بلؤمها ونذالتها، وقبحها وقبح معاظلتها ومن سماجة نباحها وكثرة أذاها، وتقذّر المسلمين من دنوّها، وأنّها تأكل لحوم الناس، وأنّها كالخلق المركّب والحيوان الملفّق: كالبغل في الدوابّ وكالراعبيّ في الحمام، وأنّها لا سبع ولا بهيمة، ولا إنسيّة ولا جنّيّة، وأنّها من الحنّ دون الجنّ، وأنّها مطايا الجنّ ونوع من المسخ، وأنّها تنبش القبور وتأكل الموتى، وأنّها يعتريها الكلب من أكل لحوم الناس.
فإذا حكينا ذلك حكينا قول من عدّد محاسنها، وصنّف مناقبها، وأخذنا من ذكر أسمائها وأنسابها وأعراقها، وتفدية الرجال إيّاها واستهتارهم بها، وذكر كسبها وحراستها، ووفائها وإلفها وجميع منافعها، والمرافق التي فيها، وما أودعت من المعرفة الصحيحة والفطن العجيبة والحسّ اللطيف والأدب المحمود. وذلك سوى صدق الاسترواح وجودة الشمّ، وذكر حفظها ونفاذها واهتدائها، وإثباتها لصور أربابها وجيرانها، وصبرها، ومعرفتها بحقوق الكرام، وإهانتها اللئام، وذكر صبرها على الجفا، واحتمالها للجوع، وذكر ذمامها وشدّة منعها معاقد الذّمار «١» منها، وذكر يقظتها وقلّة غفلتها وبعد أصواتها، وكثرة نسلها وسرعة قبولها وإلقاحها وتصرّف أرحامها في ذلك، مع اختلاف طبائع ذكورها والذكور من غير جنسها، وكثرة أعمامها وأخوالها، وتردّدها في أصناف السّباع، وسلامتها من أعراق البهائم، وذكر لقنها وحكايتها، وجودة ثقافتها ومهنها وخدمتها، وجدّها ولعبها وجميع أمورها؛ بالأشعار المشهورة والأحاديث المأثورة، وبالكتب المنزّلة والأمثال السائرة، وعن تجربة النّاس لها وفراستهم فيها، وما عاينوا منها؛ وكيف قال أصحاب الفأل فيها، وبإخبار المتطيّرين