وقد تراه وما يصنع بالعظم المدمج، وبالفقرة من الصّلب القاسي الذي ليس بالنّخر البالي، ولا بالحديث العهد بالودك الذي يلين معه بالمضغ ويطيب، فتراه كيف يرضّه ويفتّته، ثمّ إن مانعه بعض الممانعة، ووافق منه بعض الجوع، كيف يبتلعه وهو واثق باستمرائه وهضمه، أو بإذابته وحلّه.
وله ضروب من النّغم، وأشكال من الأصوات، وله نوح وتطريب، ودعاء وخوار، وهرير وعواء، وبصبصة، وشيء يصنعه عند الفرح، وله صوت شبيه بالأنين إذا كان يغشى الصيد، وله إذا لاعب أشكاله في غدوات الصّيف شيء بين العواء والأنين.
وله وطء للحصى مثله بأن لو وطئ الحصى على أرض السطوح لا يكون مثله وطء الكلب يربى على وزنه مرارا «١» .
وإذا مرّ على واد جامد ظاهر الماء، تنكّب مواضع الخرير في أسفله.
قال الشاعر- ورأى رجلا اسمه وثّاب واسم كلبه عمرو- فقال:[من مجزوء الوافر]
ولو هيّا له الله ... من التّوفيق أسبابا «٢»
لسمّى نفسه عمرا ... وسمّى الكلب وثّابا
٣٩٨-[أطباء الكلبة والخنزيرة والفهدة]
قال: والكلبة كثيرة الأطباء، وكذلك الخنزيرة. وللفهدة أربعة أطباء من لدن صدرها وقرب إبطيها إلى رفغيها «٣» ، وللفيل حلمتان تصغران عن جثّته. وهما مما يلي الصّدر مثل الإنسان، والذّكر في ذلك يشبّه بالرجل؛ لأن للرجل ثديين صغيرين عن جثته.
٣٩٩-[واقية الكلاب]
ويقال: إنّ على الكلاب واقية من عبث السّفهاء والصّبيان بها. قال دريد بن الصّمّة، حين ضرب امرأته بالسيف ولم يقتلها:[من الوافر]
أقرّ العين أن عصبت يداها ... وما إن يعصبان على خضاب «٤»