الله بن زياد، إذ أدخل على عبد الله جرذ أبيض ليعجّب منه، فأقبل عبيد الله على عبد الله فقال: هل رأيت يا أبا صالح أعجب من هذا الجرذ قط؟ وإذا عبد الله قد تضاءل حتى صار كأنه فرخ، واصفرّ حتى صار كأنّه جرادة ذكر، فقال عبيد الله: أبو صالح يعصي الرّحمن، ويتهاون بالشيطان، ويقبض على الثعبان، ويمشي إلى الأسد، ويلقى الرّماح بوجهه، وقد اعتراه من جرذ ما ترون؟! أشهد أنّ الله على كلّ شيء قدير.
٢١١٩-[خوف الفيل من السنور]
وإذا عاين الفيل الأسد رأى فيه شبه السّنّور، فيظنّ أنه سنّور عظيم فلا يبلغ منه مقدار تلك المناسبة، وذلك الشّبه، ومقدار ذلك الظنّ ما يبلغ رؤية السّنّور نفسه.
وليس هربه منه من جهة أنّه طعام له، وأنّه إن ساوره خافه على نفسه، وإن كان في المعنى يرجع إلى أنّه طعام لصغار السّباع وكبارها. وهل قتل أسد قطّ فيلا، ومتى أكله؟! وإنّه مع ذلك لربّما ركله الرّكلة، فإمّا أن يقتله، وإمّا أن يذهب عنه هاربا في الأرض، وإمّا أن يجليه.
وأيّة حجّة على الفيل في أن يرى سنورا فينفر منه؟! فالأسد يشار إليه بشعلة من نار، أو يضرب له بالطّست فيهرب منه، فإنما هذا كنحو تفزّع الفرس من كلّ شيء يراه في الماء وهو عطشان فيأباه.
٢١٢٠-[حب الفرس للماء الكدر]
ويزعم «١» ناس من أصحاب الخيل أنّ الفرس ليس يضرب بيديه في الماء الصافي ليثوّره، لأنّ الماء الكدر أحبّ إليه، وما هو إلا كالثّور الذي يحبّ الصافي ويختاره، ولكنه إذا وقف على الماء الصافي رأى فيه ظلّه وظلّ غيره من الأشخاص، فيفزعه ذلك، فلمعرفته بأنّ الماء الكدر لا تتصوّر فيه الصّور يضرب بيديه. هذا قول هؤلاء. وأمّا صاحب المنطق وغيره ممّن يدّعي معرفة شأن الحيوان فإنّه يزعم أنّ الفرس بالماء الكدر أشدّ عجبا منه بالماء الصافي، كما أنّ الإبل لا يعجبها الماء إلّا أن يكون غليظا، وذلك هو الماء النّمير عندهم. وإنّما تصلح الإبل عندهم على الماء الذي تصلح عليه الخيل.
٢١٢١-[التداوي بأضراس خيل الماء وأعفاجها]
ويزعم من أقام ببلاد السّودان أنّ الذين يسكنون شاطئ النيل من الحبشة