قال: والغراب مصادق للثّعلب، والثعلب مصادق للحيّة، والأسد والنمر مختلفان.
قال: وبين الفيلة اختلاف شديد، وكذلك ذكورها وإناثها، وهي تستعمل الأنياب إذا قاتل بعضها بعضا، وتعتمد بها على الحيطان فتهدمها، وتزحم النّخلة بجنبها فتصرعها.
وإذا صعب من ذكورتها شيء احتالوا له حتّى يكومه «١» ذكر آخر، فإذا كامه خضع أبدا. وإذا اشتدّ خلقه وصعب عصبوا رجليه فسكن.
ويقال إنّ البعير إذا صعب وخافه القوم، استعانوا عليه فأبر كوه وعقلوه حتّى يكومه فحل آخر، فإذا فعل ذلك به ذلّ! وأمّا أصحابنا فحكوا وجوه العداوة الّتي بين الفيل والسّنّور- وهذا أعجب- وذهبوا إلى فزع الفيل من السّنّور، ولم يروه يفزع ممّا هو أشدّ وأضخم. وهذا الباب على خلاف الأوّل، كأنّ أكثر ذلك الباب بني على عداوة الأكفاء.
والشاة من الذئب أشدّ فرقا منها من الأسد، وإن كانت تعلم أنّ الأسد يأكلها.
وكذلك الحمام يعتريه من الشّاهين ما لا يعتريه من العقاب والبازي والصقر.
وكذلك الفأرة من السّنّور «٢» ، وقد يأكلها ابن عرس. وأكثر ذلك أن يقتلها ولا يأكلها. وهي من السّنّور أشدّ فرقا.
والدّجاجة تأكلها أصناف من السباع، والثعلب يطالبها مطالبة شديدة، ولو أنّ دجاجا على رفّ مرتفع، أو كنّ على أغصان شجرة شاهقة، ثمّ مرّ تحتها كلّ صنف ممّا يأكلها، فإنّها تكون مستمسكة بها معتصمة بالأغصان التي هي عليها. فإذا مرّ تحتها ابن آوى وهنّ ألف، لم تبق واحدة منهنّ إلّا رمت بنفسها إليه.
٢٨٦-[ما يأباه بعض الحيوان من الطعام]
والسبع لا يأكل الحارّ، والسّنّور لا يذوق الحموضة، ويجزع من الطّعام الحارّ.