للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٣-[حوار في الكلب]

وقلت: ولو تمّ للكلب معنى السبع وطباعه، لما ألف الإنسان، واستوحش من السبع، وكره الغياض، وألف الدّور، واستوحش من البراري وجانب القفار، وألف المجالس والدّيار. ولو تمّ له معنى البهيمة في الطبع والخلق والغذاء، لما أكل الحيوان، وكلب على النّاس. نعم حتّى ربّما كلب ووثب على صاحبه وكلب على أهله. وقد ذكر ذلك طرفة فقال: [من المنسرح]

كنت لنا والدّهور آونة ... تقتل حال النّعيم بالبؤس «١»

ككلب طسم وقد تربّبه ... يعلّه بالحليب في الغلس

ظلّ عليه يوما يفرفره ... إلّا يلغ في الدماء ينتهس

وقال حاجب بن دينار المازنيّ في مثل ذلك: [من الطويل]

وكم من عدوّ قد أعنتم عليكم ... بمال وسلطان إذا سلم الحبل «٢»

كذي الكلب لمّا أسمن الكلب رابه ... بإحدى الدّواهي حين فارقه الجهل

وقال عوف بن الأحوص: [من الطويل]

فإنّي وقيسا كالمسمّن كلبه ... تخدّشه أنيابه وأظافره

وأنشد ابن الأعرابي لبعضهم: [من الطويل]

وهم سمّنوا كلبا ليأكل بعضهم ... ولو ظفروا بالحزم ما سمّن الكلب «٣»

وفي المثل: «سمّن كلبك يأكلك» «٤» .

وكان رجل من أهل الشام مع الحجّاج بن يوسف، وكان يحضر طعامه، فكتب إلى أهله يخبرهم بما هو فيه من الخصب، وأنه قد سمن فكتبت إليه امرأته: [من الطويل]

أتهدي لي القرطاس والخبز حاجتي ... وأنت على باب الأمير بطين «٥»

<<  <  ج: ص:  >  >>