وقلت: ولو تمّ للكلب معنى السبع وطباعه، لما ألف الإنسان، واستوحش من السبع، وكره الغياض، وألف الدّور، واستوحش من البراري وجانب القفار، وألف المجالس والدّيار. ولو تمّ له معنى البهيمة في الطبع والخلق والغذاء، لما أكل الحيوان، وكلب على النّاس. نعم حتّى ربّما كلب ووثب على صاحبه وكلب على أهله. وقد ذكر ذلك طرفة فقال:[من المنسرح]
كنت لنا والدّهور آونة ... تقتل حال النّعيم بالبؤس «١»
ككلب طسم وقد تربّبه ... يعلّه بالحليب في الغلس
ظلّ عليه يوما يفرفره ... إلّا يلغ في الدماء ينتهس
وقال حاجب بن دينار المازنيّ في مثل ذلك:[من الطويل]
وكم من عدوّ قد أعنتم عليكم ... بمال وسلطان إذا سلم الحبل «٢»