وما خرج من حدّ المشترك وهو كنحو الذّئب والضّبع، وكنحو الشّاهين والصّقر، فإنّ هذه وأشباهها لا تعرف إلا اللّحم. والحمام وضروب من الطير لا تعرف إلّا الحبّ والنّبات. والمشترك أجمع مما هو غير مشترك.
والسّمكة تأكل الطّين والنّبات، وتأكل الجيف التي تصيب في الماء، وتصاد بضروب من الحيوان تجعل لها في الشّصوص «١» ، ثم ينصبون لكلّ ضرب من السّمك بضرب من الطّعم.
والجرّيّ يأكل الجرذان ويصيدها، وهو آكل لها من السّنانير والحيّات والكلاب السّلوقية، ويأكل الجرّيّ جميع جيف الموتى. والسّمك يأكل السّمك ويأكل من كلّ حبّ ونبات يسقط في الماء.
وإن استفهم مستفهم، أو اعترض معترض فقال: وكيف يأكل الجرّيّ الجرذان، والجرذان أرضيّة بيوتيّة، والجرّيّ مائي؟ قيل له: يخبّرنا جميع من يبيت في السّفن وفي المشارع، في فيض البصرة عندنا، أنّ جرذان الأنابير «٢» تخرج أرسالا باللّيل كأنّها بنات عرس، والجرّيّ قد كمن لهنّ وهو فاتح فاه، فإذا دنا الجرذ من الماء فعبّ فيه التهمه ليس دون ذلك شيء، بشجر فم واسع»
يدخل في مثله الضبّ الهرم. وإنما يضع بخطمه على الشّريعة.
وسنذكر شيئا من الطّرف والحكم والأشعار، إذ كنّا قد ذكرنا من الكلام في الحيوان صدرا صالحا، وأبوابا جامعة، ثم نعود في ذكر الفيل إن شاء الله، والله الموفّق.
٢١٢٧-[شيء من الطرف والحكم والأشعار]
قال الشّاعر «٤» : [من الطويل]
ونحن أناس لا حجاز بأرضنا ... مع الغيث ما نلقى ومن هو غالب