ما أبغض الخضر فيلا منذ كان ولا ... أحبّ عيرا وذاكم غاية الكذب
وكيف يبغض شيئا فيه معتبر ... وكان في الفلك فرّاجا من الكرب
والفيل أقبل شيء لو تلقّنه ... حاجات نفسك من جدّ ومن لعب
ولو تتوّج فينا واحد فرأى ... زيّ الملوك لقد أوفى على الرّكب
يغضي ويركع تعظيما لهيبته ... وليس يعدله النّشوان في الطرب
وليس يجذل إلّا كلّ ذي فخر ... حرّ ومنبته من خالص الذّهب
مثل الزّنوج فإنّ الله فضّلهم ... بالجود ... والتّطويل في الخطب
قال: أنشدنيها يونس لابن رباح الشارزنجيّ. فمدح الفيل كما ترى بالطّرب والحكاية، وأنّه قد أدّب وعلّم السجود للملوك.
٢١٦٨-[سجود الفيل للملك]
وزعموا أنّ أوّل شيء يؤدّبونه به السجود للملك؛ قالوا «١» : خرج كسرى أبرويز ذات يوم لبعض الأعياد، وقد صفّوا له ألف فيل، وقد أحدق به وبها ثلاثون ألف فارس، فلما بصرت به الفيلة سجدت له، فما رفعت رأسها حتى جذبت بالمحاجن وراطنها الفيّالون.
وقد شهد ذلك المشهد جميع أصناف الدوابّ: الخيل فما دونها، وليس فيها شيء يفصل بين الملوك والرعيّة، فلما رأى ذلك كسرى قال: ليت أنّ الفيل كان فارسيّا ولم يكن هنديّا، انظروا إليها وإلى سائر الدوابّ، وفضّلوها بقدر ما ترون من فهمها وأدبها.
وأما ما ذكر به الزّنج من طول الخطب فكذلك هم في بلادهم وعند نوائبهم، ولكنّ معانيهم لا ترتفع عن أقدار الدوابّ إلّا بما لا يذكر.
٢١٦٩-[ما قيل في تعظيم شأن الفيل]
وأنشدوا في تعظيم شأن الفيل وصحة نظره وجودة تحديقه وتأمّله، وسكون طرفه، والشّعر لبعض المتكلّمين «٢» : [من الطويل]
إذا ما رأيت الفيل ينظر قاصدا ... ظننت بأنّ الفيل يلزمه الفرض
وقد قيل إن الشّعر لسهل بن هارون.