للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معرفتك، لصغر أجسامهما عند جسمك. ولكن كن عند الذي يظهر لك من تلك الحكم، ومن ذلك التّدبير، كما قال الله عزّ وجلّ: وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ

[١] ثم قال: فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها

[١] ثمّ قال الله تعالى: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ

[٢] . وقد قال عامر بن عبد قيس: «الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب، وإذا خرجت من اللسان لم تجاوز الآذان» [٣] .

١١١٢-[حث على التنبّه عند النظر]

وأنا أعيذ نفسي بالله أن أقول إلّا له، وأعيذك بالله أن تسمع إلّا له. وقد قال الله عزّ وجلّ: وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ

[٤] فاحذر من أن تكون منهم، وممّن ينظر إلى حكمة الله وهو لا يبصرها، وممّن يبصرها بفتح العين واستماع الآذان؛ ولكن بالتوقف من القلب، والتثبت من العقل، وبتحفيظه وتمكينه من اليقين، والحجّة الظاهرة. ولا يراها من يعرض عنها.

وقد قال الله عزّ وجلّ: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ

[٥] وقال: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ

[٦] ولو كانوا صمّا بكما وكانوا هم لا يعقلون، لما عيّرهم بذلك، كما لم يعيّر من خلقه معتوها كيف لم يعقل، ومن خلقه أعمى كيف لم يبصر، وكما لم يلم الدوابّ، ولم يعاقب السّباع. ولكنّه سمّى البصير المتعامي أعمى، والسميع المتصامم أصمّ، والعاقل المتجاهل جاهلا.

وقد قال الله عزّ وجلّ: فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

[٧] فانظر كما أمرك الله، وانظر من الجهة التي دلّك منها، وخذ ذلك بقوة. قال تعالى: خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ*

[٨] .


[١] ١٤٥/الأعراف: ٧.
[٢] ١٧١/الأعراف: ٧.
[٣] البيان ١/٨٣- ٨٤.
[٤] ٥٧/الكهف: ١٨.
[٥] ٢١/الأنفال: ٨.
[٦] ٢٢/الأنفال: ٨.
[٧] ٥٠/الروم: ٣٠.
[٨] ١٦٣/البقرة: ٢، ١٧١/الأعراف: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>