تباب، ويجيء سعد بعدد الحصى، ويسيل عليك الرّجال من هاهنا وهاهنا!! ولئن فعلت لتكوننّ أشأم مولود في بني تميم!! فلما رأى أنّه لا يجيبه أخذه باللّين وقال:
اخرج يا بنيّ وأنت مستور، إنّي والله ما أراك تعرفني، ولو عرفتني لقد قنعت بقولي واطمأننت إليّ، أنا عروة بن مرثد أبو الأعزّ المرثديّ، وأنا خال القوم وجلدة ما بين أعينهم لا يعصونني في أمر، وأنا لك بالذّمة كفيل خفير، أصيّرك بين شحمة أذني وعاتقي لا تضارّ، فاخرج فأنت في ذمّتي، وإلا فإنّ عندي قوصرّتين «١» إحداهما إلى ابن أختي البارّ الوصول. فخذ إحداهما فانتبذها حلالا من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وكان الكلب إذا سمع الكلام أطرق، وإذا سكت وثب يريغ المخرج، فتهافت الأعرابيّ، أي تساقط «٢» ، ثمّ قال: يا ألأم الناس وأوضعهم، ألا يأني لك أنّا منذ الليلة في واد وأنت في آخر، إذا قلت لك السّوداء والبيضاء تسكت وتطرق، فإذا سكتّ عنك تريغ المخرج؟! والله لتخرجنّ بالعفو عنك أو لألجنّ عليك البيت بالعقوبة! فلما طال وقوفه جاءت جارية من إماء الحيّ فقالت: أعرابيّ مجنون!! والله ما أرى في البيت شيئا!! ودفعت الباب فخرج الكلب شدّا، وحاد عنه أبو الأعزّ مستلقيا، وقال:
الحمد لله الذي مسخك كلبا، وكفاني منك حربا!! ثم قال: تالله ما رأيت كاللّيلة، ما أراه إلّا كلبا!! أما والله لو علمت بحاله لو لجت عليه.
٤٤٠-[خصال الديك]
قال صاحب الديك: في الدّيك الشّجاعة، وفي الديك الصّبر عند اللّقاء، وهم لا يجدون الصّبر تحت السّياط والعصا، إلّا أن يكون ذلك موصولا بالصّبر في الحرب على وقع السّلاح.
وفي الدّيك الجولان، وهو ضرب من الرّوغان، وجنس من تدبير الحرب، وفيه الثّقافة والتسديد «٣» ؛ وذلك أنّه يقدّر إيقاع صيصيته «٤» بعين الديك الآخر ويتقرّب إلى المذبح فلا يخطئ.
وهم يتعجّبون من الجزّار، ويضربون به المثل إذ كان لا يخطئ اللّبّة، ومن اللحّام إذا كان لا يخطئ المفصل، ولذلك قالوا في المثل: «يطبّق المحزّ ولا يخطئ