للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨٨٥-[ما له ضروب من السلاح]

وربّما كان عند الجنس من الآلات ضروب، كنحو زبرة [١] الأسد ولبدته، فإنّه حمول للسّلاح إلّا في مراقّ بطنه فإنّه [٢] من هناك ضعيف جدّا، وقال التغلبي [٣] :

[من الطويل]

ترى النّاس منّا جلد أسود سالخ ... وزبرة ضرغام من الأسد ضيغم [٤]

وله مع ذلك بعد الوثبة واللّزوق بالأرض. وله الحبس باليد. وله الطّعن بالمخلب، حتى ربّما حبس العير بيمينه وطعن بمخلب يساره لبّته [٥] وقد ألقاه على مؤخره، فيتلقّى دمه شاحيا [٦] فاه وكأنه ينصبّ من فوّارة، حتى إذا شربه واستفرغه صار إلى شقّ بطنه. وله العضّ بأنياب صلاب حداد، وفكّ شديد، ومنخر واسع. وله مع البرثن والشكّ بأظفاره دقّ الأعناق، وحطم الأصلاب. وله أنه أسرع حضرا من كلّ شيء أعمل الحضر في الهرب منه. وله من الصّبر على الجوع ومن قلّة الحاجة إلى الماء مع غيره، وربّما سار في طلب الملح [٧] ثمانين فرسخا في يوم وليلة. ولو لم يكن له سلاح إلّا زئيره وتوقّد عينيه، وما في صدور النّاس له لكفاه.

وربما كان كالبعير الذي يعلم أنّ سلاحه في نابيه وفي كركرته [٨] .

والإنسان يستعمل في القتال كفّيه في ضروب، ومرفقيه ورجليه ومنكبيه وفمه ورأسه وصدره، كلّ ذلك له سلاح ويعلم مكانه، يستوي في ذلك العاقل والمجنون، كما يستويان في الهداية في الطّعام والشراب إلى الفم.

١٨٨٦-[سلاح المرأة]

والمرأة إذا ضعفت عن كلّ شيء فزعت إلى الصّراخ والولولة؛ التماسا للرّحمة، واستجلابا للغياث من حماتها وكفاتها، أو من أهل الحسبة في أمرها.


[١] الزّبرة: ما بين كتفي الأسد من الوبر، هي اللبدة أيضا.
[٢] مراق البطن: ما رقّ منها في أسفلها.
[٣] البيت لجابر بن حني التغلبي في المفضليات ٢١٢.
[٤] الأسود: العظيم من الحيات، وقيل له «سالخ» لأنه يسلخ جلده في كل عام. الضرغام والضيغم:
من أسماء الأسد.
[٥] اللّبة: وسط الصدر والمنحر.
[٦] شحا: فتح.
[٧] انظر لشهوة الأسد الملح ما تقدم في ٣/١٢٧، الفقرة (٧٢٢) ، ٥/١١٤، الفقرة (١٣٥٢) ، ولقلة رغبته في الماء ما تقدم في ٢/٢٨٣، الفقرة (٢٨٧) ، ٣/١٥٣، الفقرة (٧٦٩) .
[٨] الكركرة: رحى زور البعير أو الناقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>