للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٩٨-[أجنحة الملائكة]

وقد طعن قوم في أجنحة الملائكة. وقد قال الله تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ

[١] وزعموا أنّ الجناحين كاليدين، وإذا كان الجناح اثنين أو أربعة كانت معتدلة، وإذا كانت ثلاثة كان صاحب الثّلاثة كالجادف من الطّير [٢] ، الذي أحد جناحيه مقصوص، فلا يستطيع الطّيران لعدم التعديل. وإذا كان أحد جناحيه وافيا والآخر مقصوصا، اختلف خلقه وصار بعضه يذهب إلى أسفل والآخر إلى فوق.

وقالوا: إنّما الجناح مثل اليد، ووجدنا الأيدي والأرجل في جميع الحيوان لا تكون إلّا أزواجا. فلو جعلتم لكلّ واحد منهم مائة جناح لم ننكر ذلك. وإن جعلتموها أنقص بواحد أو أكثر بواحد لم نجوّزه.

قيل لهم: قد رأينا من ذوات الأربع ما ليس له قرن، ورأينا ما له قرنان أملسان، ورأينا ما له قرنان لهما شعب في مقاديم القرون، ورأينا بعضها جمّا ولأخواتها قرون، ورأينا منها ما لا يقال لها جمّ لأنّها ليست لها شكل ذوات القرون، ورأينا لبعض الشاء عدّة قرون نابتة في عظم الرّأس أزواجا وأفرادا، ورأينا قرونا جوفا فيها قرون، ورأينا قرونا لا قرون فيها، ورأيناها مصمتة، ورأينا بعضها يتصل قرنه في كلّ سنة، كما تسلخ الحيّة جلدها، وتنفض الأشجار ورقها، وهي قرون الأيائل، وقد زعموا أنّ للحمار الهنديّ [٣] قرنا واحدا.

٦٩٩-[ضروب من الطير]

وقد رأينا طائرا شديد الطيران بلا ريش كالخفاش، ورأينا طائرا لا يطير وهو وافي الجناح، ورأينا طائرا لا يمشي وهو الزّرزور. ونحن نؤمن بأنّ جعفرا الطّيار ابن أبي طالب، له جناحان يطير بهما في الجنان، جعلا له عوضا من يديه اللتين قطعتا على لواء المسلمين في يوم مؤتة [٤] . وغير ذلك من أعاجيب أصناف الخلق.


[١] ١/فاطر: ٣٥.
[٢] الجادف: الطائر الذي يطير وهو مقصوص «القاموس: جدف» .
[٣] الحمار الهندي: هو الكركدن، وهو عدو الفيل، يقال إنه متولد من بين الفرس والفيل. حياة الحيوان ٣/٢٤٣.
[٤] مؤتة: قرية من قرى البلقاء في حدود الشام، وبها كان يوم مؤتة في السنة الثامنة للهجرة بين المسلمين والروم. انظر أيام العرب في الإسلام ٨٨- ٩١، ومعجم البلدان ٥/٢١٩ (مؤتة) .

<<  <  ج: ص:  >  >>