للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفرعون إذ يرمي السّماء بسهمه ... فردّ عليه السهم أفوق ناصلي «١»

فهذا يرمي السماء بجهله، وهذا ينبح السحاب من جودة فطنته.

٢٩٦-[تعصّب فهد الأحزم للكلب]

وزعم فهد الأحزم أنّ الكلب إنّما عرف مخرج ذلك الشيء المؤذي له حتّى نبحه بالقياس، لأنّه إنما نبحه بعد أن توالى عليه الأذى من تلك الجهة. وكان فهد يتعصّب للكلب. فقلت له: وكذلك الحمار إذا رفعت عليه السّوط مرّ من تحتك مرّا حثيثا، فالقياس علّمه أنّ السّوط متى رفع حطّ، ومتى حطّ أصابه، ومتى أصابه ألم.

فما فضل الكلب في هذا الموضع على الحمار، والحمار هو الموصوف بالجهل؟!

٢٩٧-[مما قيل في نباح الكلاب]

قال الفرزدق: [من الطويل]

وقد نبح الكلب السحاب ودونها ... مهامه تعشي نظرة المتأمّل «٢»

وقال الآخر: [من الرجز]

ما لك لا تنبح يا كلب الدّوم ... قد كنت نبّاحا فما بال اليوم «٣»

قال: كان هذا رجل ينتظر عيرا له تقدم، فكان إذا جاءت العير نبح، فاحتبست عليه العير، فقال كالمتمنّي وكالمنتظر المستبطئ: ما لك لا تنبح؟ أي ما للعير لا تأتي.

٢٩٨-[فراسة إياس بن معاوية]

وقال «٤» : خرج إياس بن معاوية، فسمع نباح كلب فقال: هذا كلب مشدود. ثم سمع نباحه فقال: قد أرسل. فانتهوا إلى الماء فسألوهم فكان كما قال.

فقال له غيلان أبو مروان: كيف علمت أنّه موثق وأنّه أطلق؟ قال: كان نباحه وهو موثق يسمع من مكان واحد، فلما أطلق سمعته يقرب مرّة ويبعد مرة، ويتصرّف في ذلك.

وقالوا «٥» : مرّ إياس بن معاوية ذات ليلة بماء، فقال: أسمع صوت كلب غريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>