للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٨٥-[ثمن الحمام وغيره]

[١] وللحمام من الفضيلة والفخر، أن الحمام الواحد يباع بخسمائة دينار، ولا يبلغ ذلك باز ولا شاهين، ولا صقر ولا عقاب، ولا طاوس، ولا تدرج ولا ديك، ولا بعير ولا حمار، ولا بغل. ولو أردنا أن نحقّق الخبر بأنّ برذونا أو فرسا بيع بخمسمائة دينار، لما قدرنا عليه إلّا في حديث السّمر.

وأنت إذا أردت أن تتعرّف مبلغ ثمن الحمام الذي جاء من الغاية، ثمّ دخلت بغداد والبصرة وجدت ذلك بلا معاناة. وفيه أنّ الحمام إذا جاء من الغاية بيع الفرخ الذّكر من فراخ بعشرين دينارا أو أكثر، وبيعت الأنثى بعشرة دنانير أو أكثر، وبيعت البيضة بخمسة دنانير، فيقوم الزّوج منها في الغلّة مقام ضيعة، وحتى ينهض بمؤنة العيال، ويقضي الدّين، وتبنى من غلّاته وأثمان رقابه الدّور الجياد، وتبتاع الحوانيت المغلّة. هذا؛ وهي في ذلك الوقت ملهى عجيب، ومنظر أنيق، ومعتبر لمن فكّر، ودليل لمن نظر.

٦٨٦-[عناية الناس بالحمام]

ومن دخل الحجر ورأى قصورها المبنيّة لها بالشّامات وكيف اختزان تلك الغلّات، وحفظ تلك المؤونات؛ ومن شهد أرباب الحمام. وأصحاب الهدّى وما يحتملون فيها من الكلف الغلاظ أيّام الزّجل، في حملانها على ظهور الرّجال، وقبل ذلك في بطون السفن، وكيف تفرد في البيوت، وتجمع إذا كان الجمع أمثل، وتفرّق إذا كانت التّفرقة أمثل وكيف تنقل الإناث عن ذكورتها، وكيف تنقل الذّكورة عن إناثها إلى غيرها، وكيف يخاف عليها الضّوى [٢] إذا تقاربت أنسابها، وكيف يخاف على أعراقها من دخول الخارجيّات فيها، وكيف يحتاط في صحّة طرقها ونجلها؛ لأنّه لا يؤمن أن يقمط الأنثى ذكر من عرض الحمام، فيضرب في النّجل بنصيب، فتعتريه الهجنة- والبيضة عند ذلك تنسب إلى طرقها. وهم لا يحوطون أرحام نسائهم كما يحوطون أرحام المنجبات من إناث الحمام. ومن شهد أصحاب الحمام عند زجلها من الغاية، والذين يعلّمون الحمام كيف يختارون لصاحب العلامات، وكيف يتخيّرون الثّقة وموضع الصّدق والأمانة، والبعد من الكذب والرّشوة، وكيف يتوخّون


[١] ربيع الأبرار ٥/٤٤٧.
[٢] الضوى: الهزال والضعف «القاموس: ضوى» .

<<  <  ج: ص:  >  >>