ولا يعرض للخصيّ ما يعرض للديك إذا خصي: أن يذبل غضروف عرفه ولحيته.
والخصاء ينقص من شدّة الأسر، وينقض مبرم القوى، ويرخي معاقد العصب، ويقرّب من الهرم والبلى.
٧٨-[مشي الخصي]
ويعرض للخصيّ أن يشتدّ وقع رجله على أرض السّطح، حتى لو تفقّدت وقع قدمه وقدم أخيه الفحل الذي هو أعبل «١» منه لوجدت لوقعه ووطئه شيئا لا تجده لصاحبه. وكأنّ العضو الذي كان يشدّ توتير النّسا، ومعاقد الوركين ومعاليق العصب، لمّا بطل وذهب الذي كان يمسكه ويرفعه، فيخفّ لذلك وقع رجله، صار كالذي لا يتماسك ولا يحمل بعضه بعضا.
٧٩-[أثر الخصاء في الذكاء]
ويعرض له أنّ أخوين صقلبيّين من أمّ وأب، لو كان أحدهما توءم أخيه، أنّه متى خصي أحدهما خرج الخصيّ منهما أجود خدمة، وأفطن لأبواب المعاطاة والمناولة، وهو لها أتقن وبها أليق، وتجده أيضا أذكى عقلا عند المخاطبة، فيخصّ بذلك كلّه، ويبقى أخوه على غثارة «٢» فطرته، وعلى غباوة غريزته، وعلى بلاهة الصّقلبيّة، وعلى سوء فهم العجميّة.
ويد الإنسان لا تكون أبدا إلا خرقاء، ولا تصير صناعا ما لم تكن المعرفة ثقافا لها. واللسان لا يكون أبرأ، ذاهبا في طريق البيان، متصرفا في الألفاظ، إلّا بعد أن تكون المعرفة متخلّلة به، منقّلة له، واضعة له في مواضع حقوقه، وعلى أماكن حظوظه، وهو علّة له في الأماكن العميقة، ومصرّفة له في المواضع المختلفة.
فأوّل ما صنع الخصاء بالصّقلبيّ تزكية عقله، وإرهاف حدّه، وشحذ طبعه، وتحريك نفسه. فلما عرف كانت حركته تابعة لمعرفته، وقوّته على قدر ما هيّجه.
فأمّا نساء الصقالبة وصبيانهم، فليس إلى تحويل طبائعهم، ونقل خلقهم إلى الفطنة الثاقبة، وإلى الحركة الموزونة، وإلى الخدمة الثابتة الواقعة بالموافقة، سبيل.