فالذي يبيض الكثير من البيض الذي لا يجوزه شيء في الكثرة السّمك، ثم الجراد، ثم العقارب، ثم الضّبة، لأن السّمك لا تزقّ ولا تلقم ولا تلحم ولا تحضن ولا ترضع، فحين كانت كذلك كثّر الله تعالى ذرءها وعدد نسلها، فكان ذلك على خلاف شأن الحمام الذي يزاوج أصناف الحمام ومثل العصافير والنّعام، فإنها لا تزاوج.
فأما الحمام فلما جعله الله يزق ويحضن، ويحتاج إلى ما يغتذيه ويغذو به ولده، ويحتاج إلى الزّق، وهو ضرب من القيء، وفيه عليها وهن وشدّة، ولذلك لا يزجل إذا كان زاقّا. فلما أن كان كذلك لم يحمل عليها أكثر من فرخين وبيضتين.
ولما كانت الدّجاجة تحضن ولا تزقّ، وهي تأكل الحبّ وكلّ ما دبّ ودرج، زاد الله في بيضها، وعدد فراريجها، ولم يجعل ذلك في عدد أولاد السّمك والعقارب والضّباب التي لا تحضن البتة ولا تزقّ ولا تلقم.
ولما جعل الله أولاد الضبّ لها معاشا، زاد في عدد بيضها وفراخها، وصار ما يسلم كثيرا غير متجاوز للقدر.
وكذلك الظّليم، لما كان لا يزق ولا يحضن اتسع عليه مطلب الرّزق من الحبوب وأصول الشّجر.
وجعلها تبيض ثلاثين بيضة وأكثر. وقال ذو الرمة «١» : [من البسيط]
أذاك أم خاضب بالسّيّ مرتعه ... أبو ثلاثين أمسى فهو منقلب
وبيضها كبار، وليس في طاقتها أن تشتمل وتجثم إلّا على القليل منها.
وكذلك الحيّة تضع ثلاثين بيضة، ولها ثلاثون ضلعا، وبيضها وأضلاعها عدد أيام الشّهر، ولذلك قويت أصلابها لكثرة عدد الأضلاع، وحمل عليها في الحضن بعض الحمل إذ كانت لا ترضع.
٢٠٥٦-[أثر الإلقام والزق في الحيوان]
والطائر الذي يلقم فرخه يكون أقوى من الطائر الزاقّ، وكذلك من البهائم المرضعة.