ونحن لم نر قطّ في بطن دجلة والفرات وجميع الأودية والأنهار، عند نضوب الماء، وانكشاف الأرض، وظهور وجه الطين، وعند الجزر والنّقصان في الماء في مواخر «١» الصيّف وأيّام مجاورة الأهلّة والأنصاف «٢» جحرا قطّ، فضلا على ما يقولون، أنّ لها في بطون الأنهار بيوتا.
٢٠٣٢-[جحرة الوحش]
ورأيت عجبا آخر، وهو أنّي في طول ما دخلت البراريّ، ودخلت البلدان، في صحارى جزيرة العرب والرّوم والشّام والجزيرة وغير ذلك، ما أعلم أني رأيت على لقم طريق «٣» أو جادة، أو شرك مصاقب ذلك «٤» أو إذا جانبت الطّرق، وأمعنت في البراري، وضربت إلى الموضع الوحشي- جحرا واحدا يجوز أن يدخله ضبع أو تيس ظباء، أو بعض هذه الأجناس الوحشيّة. وما أكثر ما أرى الجحرة، ولكني لم أر شيئا يتسع للثّعلب وابن آوى، فضلا على هذه الوحوش الكبار مما هو مذكور بالتّولج والوجار، وبالكناس والعرين.
وجحر الضبّ يسمّى عرينا، وهو غير العرين الذي يضاف إلى الشّجر.
٢٠٣٣-[حيلة الضب واليربوع]
وأمّا حفظ الحياة والبصر بالكسب، والاحتراس من العدوّ والاستعداء بالحيل، فكما أعدّ الضبّ واليربوع «٥» .
٢٠٣٤-[علة اختفاء الفهد والأيل]
والفهد إذا سمن عرف أنه مطلوب، وأنّ حركته قد ثقلت، فهو يخفي نفسه بجهده حتى ينقضي ذلك الزمان الذي تسمن فيه الفهود، ويعلم أنّ رائحة بدنه شهيّة إلى الأسد والنّمر. وهو ألطف شمّا لأراييح السباع القويّة من شمّ السباع للرائحة الشهيّة، فهي لا تكاد تكون إلّا على علاوة الريح.
والأيّل ينصل قرنه في كلّ عام، فيصير كالأجمّ، فإذا كان ذلك الزمان استخفى