للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنور الباقلاء، الذي يعرفون من فساد طبعه، وأنّه غير مأمون على الدّماغ وعلى الخيشوم والصّماخ [١] ، ويزعمون أنّ عمله الذي عمله هو القصد إلى الأذهان بالفساد.

وكان يزعم أنّ كلّ شيء يكون رديئا للعصب فإنّه يكون رديئا للذّهن، وأن البصل إنما كان يفسد الذهن؛ إذ كان رديّا للعصب، وأن البلاذر [٢] إنما صار يصلح العقل ويورث الحفظ؛ لأنّه صالح للعصب.

وكان يقول: سواء عليّ أكلت الذّبان أو أكلت شيئا لا يولّد إلّا الذّبان، وهو لا يولّده إلّا هو. والشيء لا يلد الشيء إلّا وهو أولى الأشياء به، وأقربها إلى طبعه، وكذلك جميع الأرحام، وفيما ينتج أرحام الأرض وأرحام الحيوان، وأرحام الأشجار، وأرحام الثّمار، فيما يتولّد منها وفيها.

٨٠٦-[حديث أبي سيف حول حلاوة الخرء]

وبينما أنا جالس يوما في المسجد مع فتيان من المسجديّين مما يلي أبواب بني سليم، وأنا يومئذ حدث السّنّ إذ أقبل أبو سيف الممرور- وكان لا يؤذي أحدا، وكان كثير الظّرف من قوم سراة- حتى وقف علينا، ونحن نرى في وجهه أثر الجدّ، ثمّ قال مجتهدا: والله الذي لا إله إلّا هو إن الخرء لحلو. ثمّ والله الذي لا إله إلّا هو إنّ الخرء لحلو. ثم والله الذي لا إله إلّا هو إن الخرء لحلو، يمينا باتّة يسألني الله عنها يوم القيامة! فقلت له: أشهد أنّك لا تأكله ولا تذوقه، فمن أين علمت ذلك؟ فإن كنت علمت أمرا فعلّمنا مما علمك الله. قال: رأيت الذّبّان يسقط على النّبيذ الحلو، ولا يسقط على الحازر [٣] ، ويقع على العسل ولا يقع على الخلّ، وأراه على الخرء أكثر منه على التّمر. أفتريدون حجّة أبين من هذه؟ فقلت: يا أبا سيف بهذا وشبهه يعرف فضل الشّيخ على الشابّ.

٨٠٧-[تخلق بعض الحيوان من غير ذكر وأنثى]

[٤] ثمّ رجع بنا القول إلى ذكر خلق الذّبان من الباقلاء. وقد أنكر ناس من العوامّ


[١] الصماخ: خرق الأذن، والأذن نفسها «القاموس: صمخ» .
[٢] البلاذر: يسمى باليونانية أنقرديا Anacardier ومعناها: الشبيه بالقلب؛ إلماعا إلى شكل الثمر، وهو نبات طبي من فصيلة البطميات، تؤكل ثماره؛ وتسمى تفاح الأكاجو، وتفاح البلاذر، انظر معجم الألفاظ الزراعية للشهابي ٣٦.
[٣] الحازر: الحامض من اللبن والنبيذ «القاموس: حزر» .
[٤] انظر الفقرة (٨١٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>