للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزالون في صيد ثلاثة أشهر معلومة من السّنة، وذلك في كلّ سنة مرّتين لكل جنس.

ومعلوم عندهم أنه يكون في أحد الزمانين أسمن، وهو الجواف، ثمّ يأتيهم الأسبور، على حساب مجيء الأسبور والجواف. فأمّا الأسبور فهو يقطع إليهم من بلاد الزّنج.

وذلك معروف عند البحريّين. وأنّ الأسبور في الوقت الذي يقطع إلى دجلة البصرة لا يوجد في الزّنج، وفي الوقت الذي يوجد في الزنج لا يوجد في دجلة. وربّما اصطادوا منها شيئا في الطريق في وقت قطعها المعروف، وفي وقت رجوعها. ومع ذلك أصناف من السمك كالإربيان، والرّقّ، والكوسج، والبرد، والبرستوج. وكلّ ذلك معروف الزّمان، متوقع المخرج.

وفي السّمك أوابد وقواطع، وفيها سيّارة لا تقيم. وذلك الشبه يصاب. ولذلك صاروا يتكلمون بخمسة السنة، يهذّونها [١] ، سوى ما تعلّقوا به من غيرها.

ثمّ القواطع من الطير قد تأتينا إلى العراق منهم في ذلك الإبّان جماعات كثيرة، تقطع إلينا ثمّ تعود في وقتها.

١٠١٦-[رد على المعترض]

قلنا لهؤلاء القوم: لقد أصبتم في بعض ما وصفتم، وأخطأتم في بعض. قال الله تعالى: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ

[٢] ويوم السبت يدور مع الأسابيع، والأسابيع تدور مع شهور القمر. وهذا لا يكون مع استواء من الزمان. وقد يكون السبت في الشتاء والصّيف والخريف، وفيما بين ذلك. وليس هذا من باب أزمان قواطع السّمك وهيج الحيوان وطلب السّفاد، وأزمان الفلاحة، وأوقات الجزر والمدّ؛ وفي سبيل الأنواء، والشجر كيف ينفض الورق والثمار؛ والحيّات كيف تسلخ، والأيائل كيف تلقي قرونها، والطير كيف تنطق ومتى تسكت.

ولو قال لنا قائل: إني نبيّ وقلنا له: وما آيتك؟ وعلامتك؟ فقال: إذا كان في آخر تشرين الآخر أقبل إليكم الأسبور من جهة البحر، ضحكوا منه وسخروا به.

ولو قال: إذا كان يوم الجمعة أو يوم الأحد أقبل إليكم الأسبور، حتّى لا يزال يصنع ذلك في كلّ جمعة- علمنا اضطرارا إذا عاينّا الذي ذكر على نسقه أنّه صادق، وأنّه لم يعلم ذلك إلّا من قبل خالق ذلك. تعالى الله عن ذلك.


[١] الهذّ: سرعة القراءة. «القاموس: هذذ» .
[٢] ١٦٣/الأعراف: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>