وقيل لعقيل بن علّفة: لو زوّجت بناتك! فإنّ النساء لحم على وضم إذا لم يكنّ غانيات!! قال: كلا، إنّي أجيعهنّ فلا يأشرن، وأعريهنّ فلا يظهرن «١» !! فوافقت إحدى كلمتيه قول النبي صلى الله عليه وسلم ووافقت الأخرى قول عمر بن الخطاب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الصّوم وجاء»«٢» . وقال عمر: استعينوا عليهنّ بالعري. وقد جاء في الحديث:
«وفروا أشعارهن فإن ترك الشعر مجفرة»«٣» . وقد أتينا على هذا الباب في الموضع الذي ذكرنا فيه شأن الغيرة، وأوّل الفساد، وكيف ينبت، وكيف يحصد.
١٣٨-[ميول الخصيان]
وقد رأيت غير خصيّ يتلوّط، ويطلب الغلمان في المواضع، ويخلو بهم ويأخذهم على جهة الصداقة، ويحمل في ذلك الحديد، ويقاتل دون السخول، ويتمشى مع الشطّار.
وقد كان في قطيعة الربيع خصيّ أثير عند مولاه، عظيم المنزلة عنده؛ وكان يثق به في ملك يمينه، وفي حرمه من بنت وزوجة وأخت، لا يخصّ شيئا دون شيء، فأشرف ذات يوم على مربد له، وفي المربد غنم صفايا، وقد شدّ يدي شاة وركبها من مؤخّرها يكومها، فلمّا أبصره برق وبعل «٤» وسقط في يديه، وهجم عليه أمر لو يكون رآه من خصيّ لعدوّ له لما فارق ذلك الهول أبدا قلبه، فكيف وإنّما عاين الذي عاين فيمن كان يخلفه في نسائه من حرمه وملك يمينه. فبينما الرجل وهو واجم حزين، وهو ينظر إليه وقد تحرّق عليه غيظا إذ رفع الخصيّ رأسه، فلمّا أثبت مولاه مرّ مسرعا نحو باب الدار ليركب رأسه، وكان المولى أقرب إلى الباب منه، فسبقه إليه، وكان الموضع الذي رآه منه موضعا لا يصعد إليه، فحدث لشقائه أمر لم يجد مولاه معه بدّا من صعوده، فلبث الخصيّ ساعة ينتفض من حمّى ركبته ثم فاظ، ولم يمس إلّا وهو في القبر.
ولفرط إرادتهم النساء، وبالحسرة التي نالتهم، وبالأسف الذي دخلهم، أبغضوا