وقراءة الكتب، وذلك أنّهم يزعمون أنّ النمرة لا تضع ولدها أبدا إلّا وهو متطوّق بأفعى، وأنها تعيش وتنهش، إلّا أنها لا تقتل. ولو كنت أجسر في كتبي على تكذيب العلماء ودرّاسي الكتب، لبدأت بصاحب هذا الخبر.
وليس هذا عندي كزعمهم أنّ الأفعى تلد وتبيض، لأنّ تأويل ذلك أنّ الأفعى تتعضّل «١» بيضها، فإذا طرّقت بالبيض تلوّت فحطمته في جوفها، ثم ترمي بتلك القشور والخراشيّ «٢» أوّلا فأولا، كما لا بدّ لكلّ ذات حمل أن تلقي مشيمتها.
ويزعم كثير من الأعراب أنّ الكمأة تتعفّن، ويتخلّق منها أفاعي. فهذا الخبر وإن كنت لا أتسرّع إلى ردّه فإنّي على أصحابه ألين كنفا «٣» .
٢١١٢-[قرن الكركدن]
وأمّا قرن الكركدّن فخبّرني من رآه ممّن أثق بعقله، وأسكن إلى خبره، أنّ غلظ أصله وسعة جسمه يكون نحوا من شبرين، وليس طوله على قدر ثخنه. وهو محدّد الرأس، شديد الملاسة، ملموم الأجزاء مدمج، ذو لدونة وعلوكة في صلابة، لا يمتنع عليه شيء. ويجهز من عندنا بالبصرة إلى الصين؛ لأنّه يقع إلينا قبلهم، فإذا قطعوه ظهرت في مقاطعه صور عجيبة. وفيه خصال غير ذلك، لها يطلب «٤» .
٢١١٣-[خيل النهر]
وقد كنا نزعم أنّ الهواء للعقاب، والماء للتمساح، والغياض للأسد حتى زعم أصحابنا أنّ في نيل مصر خيولا تأكل التماسيح أكلا ذريعا وتقوى عليها قوة ظاهرة، وتغتصبها أنفسها فلا تمتنع عليها، وعارضوا من أنكر خيل الماء، بخنازير الماء وبكلاب الماء، وبدخّس الماء.
٢١١٤-[إنقاذ بعض حيوان البحر للغريق]
ولم أجدهم يشكّون أن بعض الحيوان الذي يكون في البحر ممّا ليس بسمك وهو يعايش السمك- وقد ذهب عنّي اسمه- أنّه متى أبصر غريقا عرض له وصار تحت بطنه وصدره، فلا يزال كالحامل له والمزجي والمعين، حتى يقذف به إلى حزيرة، أو ساحل، أو جبل.