وربما اعترى هؤلاء عدّ الحصى، إذا كانوا في موضع حصى، ولم يكونوا في موضع تراب، وهو قول امرئ القيس: [من الطويل]
ظللت ردائي فوق رأسي قاعدا ... أعدّ الحصى ما تنقضي حسراتي «١»
وقال أميّة بن أبي الصّلت: [من الخفيف]
نهرا جاريا وبيتا عليّا ... يعتري المعتفين فضل نداكا «٢»
في تراخ من المكارم جزل ... لم تعلّلهم بلقط حصاكا
وقال الآخر، وهو يصف امرأة قتل زوجها، فهي محزونة تلقط الحصى: [من الطويل]
وبيضاء مكسال كأنّ وشاحها ... على أمّ أحوى المقلتين خذول
عقلت لها من زوجها عدد الحصى ... مع الصّبح، أو في جنح كلّ أصيل
يقول: لم أعطها عقلا عن زوجها، ولم أورثها إلّا الهمّ الذي دعاها إلى لقط الحصى. يخبر أنّه لمنعته، لا يوصل منه إلى عقل ولا قود.
٣٦-[أقوال الشعراء في الخط]
وممّا قالوا في الخطّ، ما أنشدنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال: قال المقنّع الكنديّ «٣» في قصيدة له مدح فيها الوليد بن يزيد: [من الكامل]
كالخطّ في كتب الغلام أجاده ... بمداده، وأسدّ من أقلامه
قلم كخرطوم الحمامة مائل ... مستحفظ للعلم من علّامه
يسم الحروف إذا يشاء بناءها ... لبيانها بالنّقط من أرسامه
من صوفة نفث المداد سخامه ... حتى تغيّر لونها بسخامه
يحفى فيقصم من شعيرة أنفه ... كقلامة الأظفور من قلّامه
وبأنفه شقّ تلاءم فاستوى ... سقي المداد، فزاد في تلآمه
مستعجم وهو الفصيح بكلّ ما ... نطق اللسان به على استعجامه