وذكر صاحب المنطق عداوة الغراب للحمار، والنّحويون ينشدون في ذلك قول الشّاعر «١» : [من الرجز]
عاديتنا لا زلت في تباب ... عداوة الحمار للغراب
ولا أدري من أين وقع هذا إليهم.
وذكر أيضا عداوة البوم للغراب. وكذلك عصفور الشّوك للحمار «٢» ، وفي هذا كلام كثير قد ذكرنا بعضه في أوّل كتابنا هذا من الحيوان.
٢٠٧٦-[رجع إلى الأمثال في كليلة ودمنة]
ثم رجعنا إلى الإخبار عن الأمثال.
قال»
: وأكيس الأقوام من لا يلتمس الأمر بالقتال ما وجد عن القتال مذهبا؛ فإن القتال إنما النفقة فيه من الأنفس، وسائر الأشياء إنما النّفقة فيها من الأموال. فلا يكوننّ قتال البوم من رأيك، فإنّ من يراكل «٤» الفيل يراكل الحين.
قال «٥» : فأجابه الجرذ فقال: إنّه ربّ عداوة باطنة ظاهرها صداقة، وهي أشدّ ضررا من العداوة الظاهرة، ومن لم يحترس منها وقع موقع الرّجل الذي يركب ناب الفيل المغتلم ثمّ يغلبه النّعاس «٦» .
قال «٧» : واعلم أنّ كثيرا من العدوّ لا يستطاع بالشدّة والمكابرة حتى يصاد بالرّفق والملاينة، كما يصاد الفيل الوحشيّ بالفيل الأهليّ.
وقال «٨» : إنّ العشب كما رأيت في اللّين والضّعف، وقد يجمع منه الكثير فيصنع منه الحبل القويّ الذي يوثق به الفيل المغتلم.