مليحا، كيسا بصيرا بما يعيشه ويقوته، ولا يحتاج إلى تلقيم سباع الطير والعصافير لأولادها، لأنّ أولادها إذ لم ترضع ولم تلقط الحبّ كالفراريج أوّل ما تخرج من البيض ولم تزقّها الآباء ولا الأمهات كأجناس الحمام- فلا بدّ لها من تلقيم.
٥٠٠-[طبائع مشتركة في الطير]
والفرّوج مشترك الطبيعة. قد أخذ من طبائع الجوارح نصيبا، وهو أكله للحم، وحسوه للدّم، وأكله للديدان وما هو أقذر من الذّباب، والعصفور أيضا مشارك الطّباع، لأنّه يجمع بين أكل الحبوب واللّحمان، وبين لقط الحبوب وصيد أجناس كثيرة من الحيوان، كالنمل إذا طار. وكالجراد، وغير ذلك. وليس في الأرض رأس أشبه برأس الحيّة من العصفور «١» .
٥٠١-[هداية العصفور]
والعصفور يتعالى ويطير، ويهتدي ويستجيب. ولقد بلغني أنّه قد رجع من قريب من فرسخ. وهي تكون عندنا بالبصرة في الدّور، فإذا أمكنت الثمار «٢» لم تجد منها إلّا اليسير، فتصير من القواطع إلى قاصي النّخل، وذلك أنّها إذا مرّت بعصافير القرى وقد سبقت إلى ما هو إليها أقرب، جاوزتها إلى ما هو أبعد، ثمّ تقرب الأيّام الكثيرة إلى ما هو أبعد، ثمّ تقرب الأيّام الكثيرة المقدار، في المسافة إلى أكثر مما ذكرت من الفرسخ أضعافا.
٥٠٢-[أشد تعطفا من عصفور]
والعصافير لا تقيم في دور الأمصار إذا شخص أهلها عنها، إلّا ما كان منها مقيما على بيض أو فراخ، فإنّه ليس في الأرض طائر أحنى على ولده ولا أشدّ تعطفا من عصفور. والذي يدلّ على أنّ في طبعها من ذلك ما ليس في طبع سواها من الطّير الذي تجد من إسعاد بعضهنّ لبعض، إذا دخلت الحيّة إلى جحر بعضهن لتأكل فرخا، أو تبتلع بيضا، فإنّ لأبوي الفرخ عند ذلك صياحا وقلقا وطيرانا، وتدفيفا وترنيقا «٣» فوق الجحر ودونه وحواليه، فلا يبقى عصفور من حيث يسمع صياحهما أو يسمع أصواتهما إلّا جئن أرسالا مسعدات، يصنعن معهما كما يصنعان.