وعلى حسب الجهل يكون الخرق، وعلى حسب المعرفة يكون الحذق. وهذا جملة القول في نسائهم، وعلى أنّهنّ لا حظوظ لهنّ عند الخلوة، ولا نفاذ لهنّ في صناعة؛ إذ كنّ قد منعن فهم المعاطاة ومعرفة المناولة.
والخصيان مع جودة آلاتهم ووفارة طبائعهم في معرفة أبواب الخدمة. وفي استواء حالهم في باب المعاطاة، لم تر أحدا منهم قطّ نفذ في صناعة تنسب إلى بعض المشقّة، وتضاف إلى شيء من الحكمة، ممّا يعرف ببعد الرّويّة، والغوص بإدامة الفكرة، إلا ما ذكروا من نفاذ ثقف في التحريك للأوتار، فإنّه كان في ذلك مقدّما، وبه مذكورا. إلّا أنّ الخصيّ من صباه، يحسن صنعة الدّابوق «١» . ويجيد دعاء الحمام الطوّريّ «٢» . وما شئت من صغار الصناعات.
وقد زعم البصريّون أن حديجا الخصيّ، خادم المثنّى بن زهير، كان يجاري المثنّى في البصر بالحمام. وفي صحّة الفراسة، وإتقان المعرفة، وجودة الرياضة.
وسنذكر حاله في باب القول في الحمام إن شاء الله تعالى.
هذا قولهم فيمن خصي من الصقالبة. وملوكنا لعقول خصيان خراسان أحمد، وهم قليل، ولذلك لم نأت من أمرهم بشيء مشهور، وأمر مذكور.
٨٠-[خصيان السند]
وأما السّند، فلم يكن فيهم أيضا من الخصيان إلّا النّفر الذين كان خصاهم موسى بن كعب، وقد رأيت أنا بعضهم، وزعم لي أنّه خصى أربعة هو أحدهم، ورأيت الخصاء، قد جذبه إلى حبّ الحمام، وعمل التكك «٣» ، والهراش بالديوك، وهذا شيء لم يجر منه على عرق، وإنما قاده إليه قطع ذلك العضو.
٨١-[خصيان الحبشة والنوبة والسودان]
فأمّا الخصيان من الحبشان والنّوبة وأصناف السودان، فإنّ الخصاء يأخذ منهم ولا يعطيهم، وينقصهم ولا يزيدهم، ويحطّهم عن مقادير إخوانهم، كما يزيد الصقالبة عن مقادير إخوتهم، لأن الحبشيّ متى خصي سقطت نفسه، وثقلت حركته، وذهب نشاطه، ولا بدّ أن يعرض له فساد، لأنه متى استقصي جبابه لم