بلنك) ؛ وتأويل «أشتر» بعير، وتأويل «كاو» بقرة، وتأويل «بلنك» الضبع؛ لأن الضباع عرج؛ كذلك الذكر والأنثى يكون بهما خماع «١»
؛ كما عرض للذئب القزل «٢»
- وكلّ ذئب أقزل- وكما أنّ كلّ غراب يحجل كما يحجل المقيّد من الناس؛ وكما أنّ العصفور لا يمشي؛ ومشيه أن يجمع رجليه أبدا معا في كلّ حركة وسكون.
وقولهم للزرافة أشتر كاو بلنك اسم فارسيّ، والفرس تسمّي الأشياء بالاشتقاقات؛ كما تقول للنعامة: اشتر مرغ، وكأنّهم في التقدير قالوا: هو طائر وجمل؛ فلم نجد هذا الاسم أوجب أن تكون النعامة نتاج ما بين الإبل والطير، ولكن القوم لما شبهوها بشيئين متقاربين؛ سمّوها بذينك الشيئين. وهم يسمون الشيء المرّ الحلو «ترش شيرين» وهو في التفسير حلو حامض. فجسر القوم فوضعوا لتفسير اسم الزرافة حديثا؛ وجعلوا الخلقة ضربا من التراكيب؛ فقالوا: قد يعرض الذيخ في تلك البلاد للناقة الوحشية فيسفدها، فتلقح بولد يجيء خلقه ما بين خلق الناقة والضبع؛ فإن كان أنثى فقد يعرض لها الثور الوحشي فيضربها؛ فيصير الولد زرافة، وإن كان ولد الناقة ذكرا عرض للمهاة فألقحها فتلد زرافة. فمنهم من حجر البتّة أن تكون الزرافة الأنثى تلقح من الزرافة الذكر، وزعموا أنّ كلّ زرافة في الأرض، فإنّما هي من النّتاج الذي ركّبوا؛ وزعموا أنّ ذلك مشهور في بلاد الحبشة، وأقاصي اليمن. وقال آخرون:
ليس كلّ خلق مركّب لا ينسل ولا يبقى نجله ولا يتلاقح نسله، على ما حكينا من شأن الورشان والرّاعبي «٣»
. وهؤلاء وما أشبههم يفسدون العلم، ويتّهمون الكتب، وتغرّهم كثرة أتباعهم ممن تجده مستهترا بسماع الغريب، ومغرما بالطرائف والبدائع. ولو أعطوا مع هذا الاستهتار نصيبا من التثبّت، وحظّا من التوقي، لسلمت الكتب من كثير من الفساد.
١٠٦-[النتاج المركب في الطيور]
وأنا رأيت طائرا له صوت غير حسن، فقال لي صاحب الطيور: إنّه من نتاج ما بين القمريّ «٤»