للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أقررنا بعجيب ما نرى من مطالع النّجوم، ومن تناهي المدّ والجزر على قدر امتلاء القمر، ونقصانه وزيادته، ومحاقه [١] واستراره [٢] . وكلّ شيء يأتي على هذا النّسق من المجاري، فإنّما الآية فيه لله وحده على وحدانيّته.

فإذا قال قائل لأهل شريعة [٣] ولأهل مرسى، من أصحاب بحر أو نهر أو واد، أو عين، أو جدول: تأتيكم الحيتان في كلّ سبت، أو قال: في كلّ رمضان. ورمضان متحوّل الأزمان في الشّتاء والصيف والرّبيع والخريف. والسّبت يتحوّل في جميع الأزمان. فإذا كان ذلك كانت تلك الأعجوبة فيه دالة على توحيد الله تعالى، وعلى صدق صاحب الخبر، وأنّه رسول ذلك المسخّر لذلك الصّنف. وكان ذلك المجيء خارجا من النّسق القائم، والعادة المعروفة. وهذا الفرق بذلك بيّن. والحمد لله.

١٠١٧-[شنعة المسخ على صورة الخنزير والقرد]

قال الله تعالى: فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ

[٤] وفي الموضع الذي ذكر أنّه مسخ ناسا خنازير قد ذكر القرود. ولم يذكر أنّه مسخ قوما خنازير، ولم يمسخ منهم قرودا. وإذا كان الأمر كذلك فالمسخ على صورة القردة أشنع؛ إذ كان المسخ على صورتها أعظم، وكان العقاب به أكبر. وإنّ الوقت الذي قد ذكر أنّه قد مسخ ناسا قرودا فقد كان مسخ ناسا خنازير. فلم يدع ذكر الخنازير وذكر القرود؛ إلّا والقرود في هذا الباب أوجع وأشنع وأعظم في العقوبة، وأدلّ على شدّة السّخطة. هذا قول بعضهم.

١٠١٨-[استطراد لغوي]

قال: ويقال لموضع الأنف من السّباع الخطم، والخرطوم- وقد يقال ذلك للخنزير- والفنطيسة [٥] ، والجمع الفناطيس. وقال الأعرابيّ: كأنّ فناطيسها كراكر [٦] الإبل.


[١] المحاق: آخر الشهر، أو ثلاث ليال من آخره، أو أن يستسر القمر فلا يرى غدوة ولا عشية.
(القاموس: محق) .
[٢] استرار القمر: اختفاؤه. (اللسان: ستر) .
[٣] الشريعة: مورد الماء. (اللسان: شرع) .
[٤] ١٦٦/الأعراف: ٧.
[٥] فنطيسة الخنزير: خطمه. (اللسان: فنطس) .
[٦] الكراكر: جمع كركر، وهو وعاء قضيب البعير والتيس. (اللسان: كركر) .

<<  <  ج: ص:  >  >>