من ذلك، فإنّ من الكفر ما يكون عند المسألة، والجواب أسرع انتشارا وأظهر انتقاضا، ومنه ما يكون أمتن شيئا، وإن كان مصير الجميع إلى الانتقاض وإلى الفساد.
ومنه شيء يحتاج من المعالجة إلى أكثر وأطول، وإنما يتفاضل العلماء عند هذه الحال، وقد يكون أن ينقدح في قلوب الناس عداوات وأضغان سببها التّحاسد الذي يقع بين الجيران والمتفقين في الصّناعة، وربما كانت العداوة من جهة العصبيّة، فإنّ عامّة من ارتاب بالإسلام إنما كان أوّل ذلك رأي الشّعوبية والتمادي فيه، وطول الجدال المؤدّي إلى القتال، فإذا أبغض شيئا أبغض أهله، وإن أبغض تلك اللغة أبغض تلك الجزيرة، وإذا أبغض تلك الجزيرة أحبّ من أبغض تلك الجزيرة. فلا تزال الحالات تنتقل به حتى ينسلخ من الإسلام، إذ كانت العرب هي التي جاءت به، وكانوا السّلف والقدوة.
٢١٨٤-[أثر الغلمة في الجسم والعمر]
وتزعم الهند أنّ شدّة غلمة الفيل وطول أيّامه فيها وهجرانه الطّعام والشراب، وبقيّة تلك الطبيعة، وعمل ذلك العرق السّاري، هو الذي يمنع الفيل أن يصير في جسمه مرّتين، لأنّ ذلك من أمتن أسباب الهزال. وإذا تقادم ذلك في بدن وغبّ فيه، عمل في العظم والعصب، بعد الشّحم واللّحم. وإذا كان رفع الصوت والصّياح وكثرة الكلام والغضب والحدّة، إنما صار يورث الهزال لأنّ البدن يسخن عن ذلك، وإذا شاعت فيه الحرارة أحرقت وأكلت وشربت، ولذلك صار الخصيّ من الدّيوك والأنعام أسمن.
وزعموا أنّه ليس فيما يعايش الناس من أصناف الحيوان أقصر عمرا من العصفور، ولا أطول عمرا من البغل. وللأمور أسباب، فليس يقع الظنّ إلّا على قلّة سفاد البغل وكثرة سفاد العصفور.
قالوا: ونجد العمر الطّويل أمرا خاصا في الرّهبان، فنظنّ أيضا أنّ تركها الجماع من أسباب ذلك «١» .
قالوا: وإذا اغتلم الذكر من الحيوان فهو أخبث ما يكون لحما، وإذا كثر سفاده تضاعف فيه ذلك، وصار لحمه أيبس ودمه أقلّ.